تنحّى عنهم» (١).
وكان الإمام الباقر عليهالسلام يكتب لبعضهم عهداً بالحرية بخط يده ويختمه بخاتمه ، منها العهد الذي كتبه لعبد اللّه بن المبارك قبل موته بسنة واحدة ، وكان عبد اللّه من سبي الحروب ، فأتى أبا جعفر عليهالسلام فقال : «إني رويت عن آبائك عليهمالسلام أن كل فتح بضلال فهو للإمام. فقال : نعم. قلت : جعلت فداك ، فإنهم أتوا بي من بعض فتوح الضلال ، وقد تخلصت ممن ملكوني بسبب ، وقد أتيتك مسترقاً مستعبداً. قال عليهالسلام : قد قبلت. فلما كان وقت خروجه إلى مكة ، قال : مذ حججت فتزوجت ومكسبي مما يعطف علي إخواني ، لا شيء لي غيره ، فمرني بأمرك.
فقال عليهالسلام : انصرف إلى بلادك ، وأنت من حجك وتزويجك وكسبك في حلّ.
ثم أتاه بعد ست سنين ، وذكر له العبودية التي ألزمها نفسه. فقال : أنت حرّ لوجه اللّه تعالى. فقال : اكتب لي به عهداً ، فخرج كتابه عليهالسلام :
بسم اللّه الرحمن الرحيم
هذا كتاب محمد بن علي الهاشمي العلوي لعبد اللّه بن المبارك فتاه ، إنّي أعتقك لوجه اللّه والدار الآخرة ، لا رب لك إلاّ اللّه ، وليس عليك سيد ، وأنت مولاي ومولى عقبي من بعدي ، وكتب في المحرم سنة ثلاث عشرة ومائة ، ووقع فيه محمد بن علي بخط يده وختمه بخاتمه» (٢).
وعن محمد بن مروان ، عن أبي عبد اللّه عليهالسلام : أن أبا جعفر عليهالسلام مات وترك
__________________
(١) كتاب الزهد / الحسين بن سعيد : ٤٤ / ١١٧.
(٢) مناقب آل أبي طالب ٣ : ٣٣٨.