وهناك من يتشدق به في مواجهة العلماء ، أو يجادل به السفهاء ، لتأكيد ذاته مباهاة وافتخاراً ، وفي المقابل فإن هناك من يطلب العلم من أجل أن ينير ذاته في معرفة الحقيقة ، وأن ينير بالعلم مجتمعه.
رابعاً : تحدّث الإمام أبو جعفر عليهالسلام في كثير من أحاديثه عن صفات العلماء ، ودعاهم إلى الابتعاد عن الآفات النفسية سيما الحسد ، وإلى عدم استصغار من هو دونهم من صغار طلابهم ، قال عليهالسلام : «لا يكون العبد عالماً حتى لا يكون حاسداً لمن فوقه ، ولا محقراً لمن دونه» (٢).
ونهى المتصدين منهم للإفتاء عن الفتوى بغير علم ، لأنها مصدر لضلالة الأمة ، قال عليهالسلام : «ما علمتم فقولوا ، وما لم تعلموا فقولوا : اللّه أعلم» (٣).
واعتبر ذلك من حقوق اللّه سبحانه على العباد ، فقد سأله زرارة : «ما حق اللّه على العباد؟ فقال عليهالسلام : أن يقولوا ما يعلمون ، ويكفوا عما لا يعلمون ، فإذا فعلوا ذلك فقد أدوا إلى اللّه حقه» (٤).
وطلب الإمام عليهالسلام من أهل العلم العمل بمقتضى العلم ، وتطبيق ما علموه على واقع حياتهم ، لأن ذلك يفتح عليهم آفاقاً علمية رحبة ، قال عليهالسلام : «من عمل بما يعلم ، علمه اللّه ما لا يعلم» (٤). وقال عليهالسلام : «إذا سمعتم العلم فاستعملوه» (٥).
__________________
(١) تحف العقول : ٢٩٤.
(٢) المحاسن ١ : ٢٠٦ / ٦٢ ، الكافي ١ : ٤٢ / ٤.
(٣) المحاسن ١ : ٢٠٤ / ٥٣ ، الكافي ١ : ٥٠ / ١٢.
(٤) أعلام الدين في صفات المؤمنين : ٣٠٠.
(٥) الكافي ١ : ٤٥ / ٧.