من الجن والإنس إليه يصمدون في الحوائج ، وإليه يلجأون عند الشدائد ، ومنه يرجون الرخاء ودوام النعماء ، ليدفع عنهم الشدائد (١).
وورد عنه عليهالسلام تفسير لحروف كلمة الصمد ، ينسجم مع المعنى الذي يؤكده في وحدانية الخالق ، وأزلية ملكه ودوامه ، وعجز حواس وأوهام الخلق عن درك ماهيته وكيفيته.
قال وهب بن وهب القرشي : سمعت الصادق عليهالسلام يقول : «قدم وفد من أهل فلسطين على الباقر عليهالسلام فسألوه عن مسائل فأجابهم ، ثم سألوه عن الصمد ، فقال : تفسيره فيه ، الصمد خمسة أحرف : فالألف دليل على إنّيته ، وهو قوله عزّوجلّ : «شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ» (٢) وذلك تنبيه وإشارة إلى الغائب عن درك الحواس ، واللام دليل على إلهيته بأنه هو اللّه.
والألف واللام مدغمان لا يظهران على اللسان ، ولا يقعان في السمع ، ويظهران في الكتابة ، دليل على أن إلهيته بلطفه خافية لا تدرك بالحواس ، ولا تقع في لسان واصف ، ولا أذن سامع ، لأن تفسير الإله هو الذي ألْهَ الخلق عن درك ماهيته وكيفيته بحسّ أو بوهم ، لا بل هو مبدع الأوهام وخالق الحواس ، وإنما يظهر ذلك عند الكتابة ، دليل على أن اللّه سبحانه أظهر ربوبيته في إبداع الخلق وتركيب أرواحهم اللطيفة في أجسادهم الكثيفة ، فإذا نظر عبد إلى نفسه لم ير روحه ، كما أن لام الصمد لا تتبين ولا تدخل في حاسة من الحواس الخمس ، فإذا نظر إلى الكتابة ظهر له ما خفي ولطف ، فمتى تفكر العبد في ماهية الباري وكيفيته ، ألْهَ فيه وتحيّر ، ولم تحط فكرته بشيء يتصور له ، لأنه
__________________
(١) راجع : الكافي ١ : ١٢٤.
(٢) سورة آل عمران : ٣ / ١٨.