بعض تلك القواعد فيما بعد من جملة القواعد التي تبحث في أصول الفقه الذي وضع الإمام الباقر عليهالسلام حجره الأساس.
ومن تلك القواعد الوقوف عند الشبهات ، حيث يلتبس وجه الحق بالباطل ، سيما في مجال العقيدة والمسؤلية الشرعية ، عن أبي سعيد الزهري ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : «الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة ، وتركك حديثاً لم تروه خير من روايتك حديثاً لم تحصه» (١).
فإذا كان ثمة حالة يشتبه فيها الأمر عليك ، فلا تملك وضوحا في معرفة الخير والشر ، أو الصلاح والفساد ، أو الحق والباطل ، فإن عليك أن تقف لتبحث وتسأل وتتثبت ، حتى تعرف الحقيقة التي تضيء لك الموقف كله ، أما اذا ألقيت نفسك في الشبهة ، وأصدرت الأحكام بلا رويّة ، فقد تنتظرك الهلكة التي قد تقع فيها وأنت لا تعلم.
واذا أردت أن تنقل حديثا ، فان عليك أن تعرفه ، وأن تحفظ عناصره كلها ، متناً وسنداً من غير تبديل وتغيير مخل بالمعنى المقصود ، لتكون دقيقا في نقله ، وواعيا لمفاهيمه وعناصره ، لا أن تنقله كيفما اتفق ، بل إن ترك رواية حديث لم تنقله بعناصره المذكورة خير من روايتك إيّاه ، لأنك إن رويته هلكت وأهلكت الناس المتابعين لك فيما ليس لك به علم ، وإن تركت روايته سلمت وسلم الناس من الوقوع في الضلال.
وعلى نفس المنوال اهتم الإمام الباقر عليهالسلام بضرورة إدراك الحديث والوقوف على مضامينه ، وجعل ذلك ميزاناً للتفاضل بين الرواة ، ودليلاً على سمو منزلتهم العلمية.
__________________
(١) الكافي ١ : ٥٠ / ٩ ، المحاسن ١ : ٢١٥.