الواقع ، وإذا امتنع وقوع العصر عند الزوال مطلقاً انتفى كون ذلك وقتاً ، ولا نعني بالاختصاص إلا هذا (١).
وهذا الاستدلال منه قدسسره عجيب.
أما أوّلاً : فلمنع قوله : وانتفاء ما يدل على الصحة مع المخالفة ، فإن الدليل موجود ، فإنه لو لم يكن هنالك دليل آخر من رواية وغيرها على الاختصاص كان مقتضى قاعدة لا تعاد هو الصحة والاجتزاء بهذه الصلاة ، لعدم كون الترتيب المشروط رعايته من جملة المستثنيات المذكورة فيها.
وثانياً : سلّمنا أنه مع النسيان أيضاً لا دليل على الصحة مع المخالفة إلا أنّ إتيان العصر أوّل الزوال غير منحصر في خصوص فرض العمد والنسيان المستلزمين للإخلال بشرطية الترتيب ، بل هناك فرض ثالث غير مستتبع لذلك ، وهو ما إذا اعتقد بعد التحري والاجتهاد دخول الوقت فصلى الظهر وقد تبيّن أنه واقع خارج الوقت غير أنه أدرك بعضه ولو كان لحظة منه ، فان المشهور على أن هذه الصلاة باعتبار وقوع جزء منها في الوقت تكون صحيحة ، وحينئذ فما المانع من إتيان صلاة العصر بعدها بلا فصل ، والحال أن المفروض رعاية شرطية الترتيب ، مع أن القائلين بالاختصاص يلزمهم القول بلزوم الانتظار والصبر إلى أن يمضي مقدار أربع ركعات من الزوال ثم يصلي العصر ، وهذا الدليل لا يدل على ذلك في مثل الفرض ، بل لا مانع من الالتزام بصحة وقوع العصر في أوّل الوقت كما عرفت.
الثاني : ما عن المختلف من أن القول بالاشتراك مستلزم لأحد المحذورين ، إما التكليف بما لا يطاق أو خرق الإجماع ، وذلك لأن التكليف عند الزوال إما أن يتعلق بالصلاتين معاً ، بأن يأتي بهما معاً في وقت واحد وهو محال ، أو بأحدهما لا بعينه وهو خرق للإجماع ، أو بخصوص العصر وهو كذلك. على أنه مناف
__________________
(١) المدارك ٣ : ٣٦.