وهذه الروايات كما ترى صريحة في امتداد الوقت إلى منتصف الليل من غير تقييد بحالة دون أُخرى. فإن أراد من حدّده بثلث الليل كالشيخ المفيد وغيره انتهاء الوقت بذلك بحيث تقع الفريضة بعد ذلك في غير وقتها ، فهذه الأخبار وقبلها الآية المباركة حجة عليهم.
وإن أراد انتهاء الوقت للمختار وإن امتد للمعذور إلى النصف كما استظهره في الحدائق حاكيا له عن الشيخ في عدّة من كتبه زاعماً أن ذلك هو مقتضى الجمع بين النصوص ، فيدفعه : أن ذلك خلاف ظواهرها ولا سيما الآية المباركة جدّاً ، لما عرفت فيما سبق من أنها خطاب للنبي صلىاللهعليهوآله في مقام التشريع لعامة المكلفين وطبيعي المصلين لبيان ما هو وظيفتهم في حدّ أنفسهم ، لا بلحاظ الحالات العارضة والعناوين الطارئة ، فظاهرها أنه حكم لصورة الاختيار دون الاضطرار ، فالتفصيل بينهما بعيد عن مساقها وخلاف ظاهر الآية وإطلاقها ، وهكذا إطلاق سائر الأخبار المتقدمة. إذن فالتفصيل المزبور في غاية السقوط.
أجل ، هناك جملة من الأخبار تضمنت التحديد بالثلث ، بل في الفقه الرضوي تحديده بالربع لغير العليل والمسافر قال : « ووقت العشاء الآخرة الفراغ من المغرب ثم إلى ربع الليل ، وقد رخّص للعليل والمسافر فيهما إلى انتصاف الليل وللمضطر إلى قبل طلوع الفجر » (١).
لكن [ الفقه ] الرضوي لم يثبت كونه رواية فضلاً عن اعتبارها كما تقدم مراراً.
وأما نصوص الثلث فهي غير نقية السند ما عدا روايتين منها :
إحداهما : صحيحة معاوية بن عمار في رواية « إن وقت العشاء الآخرة إلى ثلث الليل » (٢).
__________________
(١) فقه الرضا : ١٠٣.
(٢) الوسائل ٤ : ٢٠٠ / أبواب المواقيت ب ٢١ ح ٤.