وإن كانت ظاهرةً في حد نفسها في الحرمة ، لكن يرفع اليد عنها وتحمل على الكراهة بقرينة قوله عليهالسلام في الصدر : « أول الوقتين أفضلهما » لظهوره في اشتراك الوقتين في أصل الفضيلة ، غير أنّ الأول راجح ، والثاني مرجوح. فتدل الصحيحة على أن الوقتين وقتا الفضيلة والإجزاء دون الاختيار والاضطرار ، فهي من أدلة المشهور وليست دليلا عليهم ، وهذه الصحيحة هي العمدة في مذهب المشهور ، وإلا فقد عرفت ضعف الروايتين المستدل بهما لهم.
ومنها : موثقة عمار عن أبي عبد الله عليهالسلام « في الرجل إذا غلبته عينه أو عاقه أمر أن يصلي المكتوبة من الفجر ما بين أن يطلع الفجر إلى أن تطلع الشمس وذلك في المكتوبة خاصة ... » إلخ (١) فان قوله عليهالسلام إذا عاقه أمر يدل على أن الامتداد لطلوع الشمس خاص بالمضطر.
وفيه : أن الموثقة على خلاف المطلوب أدل ، لإطلاق الأمر في قوله : « إذا عاقه أمر » الشامل لكل ما يراه الإنسان عائقاً وإن كان أمراً دنيوياً لا ضرورة فيه ، فيجوز التأخير العمدي لمجرد ما يراه الإنسان مزاحماً لصلاته وإن لم يكن مضطراً إليه ، ولو كانت ناظرة إلى الوقت الاضطراري لما جاز ذلك ، فهي أيضاً من أدلة المشهور.
ومنها : صحيحة أبي بصير قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام فقلت : متى يحرم الطعام والشراب على الصائم ، وتحل الصلاة صلاة الفجر؟ فقال : إذا اعترض الفجر فكان كالقبطية البيضاء فثم يحرم الطعام على الصائم وتحل الصلاة صلاة الفجر ، قلت : أفلسنا في وقت إلى أن يطلع شعاع الشمس؟ قال : هيهات أين يذهب بك تلك صلاة الصبيان » (٢) ونحوها صحيحته الأُخرى (٣).
ولا يخفى أن هذه الصحيحة صالحة للاستدلال بها لكل من القولين فيستدل
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٢٠٨ / أبواب المواقيت ب ٢٦ ح ٧.
(٢) الوسائل ٤ : ٢٠٩ / أبواب المواقيت ب ٢٧ ح ١.
(٣) الوسائل ٤ : ٢١٣ / أبواب المواقيت ب ٢٨ ح ٢.