بها تارة للمشهور بأن الوقت في نفسه ممتد إلى طلوع الشمس ، لكن التأخير إلى ذلك الوقت مرجوح فإنه من شأن الصبيان ولا يليق بالمؤمن المهتم بأمر الصلاة أن يسامح فيها ، فيأتيها في الوقت الذي يصلي فيه الصبيان ، وأُخرى للقول الآخر بأن يقال : إن المستفاد منها أن الامتداد إلى الطلوع وقت للصبيان خاصة ، وأما البالغون فوقتهم دون ذلك ، ولعل الأقرب هو الأول. وكيف كان فقد عرفت أن الأقوى ما عليه المشهور.
بقي شيء : وهو أن الفقهاء ذكروا أن الوقت الاختياري أو وقت الفضيلة على الخلاف ينتهي بطلوع الحمرة المشرقية ، مع أن هذا التعبير لم يوجد في شيء من الأخبار ، بل الموجود فيها : « تجلل الصبح السماء » أو ما يقرب من ذلك الذي هو دون طلوع الحمرة بمقدار غير يسير. ولعل في نفس هذا التعبير شهادة على إرادة الفضيلة من الوقت الأول وإلا فلو أُريد به الوقت الاختياري الذي لا يجوز التأخير عنه عمداً كان اللازم انضباط الحد وكونه معيناً مشخصاً يعرفه كل أحد كنصف الليل وطلوع الشمس أو غروبها ونحو ذلك ، مع أن تجلل الصبح وبدوّ الضياء ونحو ذلك مما وقع في لسان الأخبار أمر قابل للتشكيك وليس بمبيّن معيّن بحيث لا يقبل الترديد كما في سائر الحدود لاختلاف مراتب الصدق ، فليس هناك وقت مشخص يحكم عليه بحصول التجلل في هذا الوقت دون ما قبله.
نعم ، ورد التعبير بالحمرة في كلام الراوي في صحيحة علي بن يقطين قال : « سألت أبا الحسن عليهالسلام عن الرجل لا يصلي الغداة حتى يسفر وتظهر الحمرة ، ولم يركع ركعتي الفجر أيركعهما أو يؤخّرهما؟ قال : يؤخّرهما » (١).
وهذه أيضاً فيها إشعار بأنّ الوقت الأول للفضيلة دون الاختيار ، فان مقتضى إطلاق السؤال اعتقاد الراوي جواز الإتيان بركعتي الفجر أي النافلة حتى فيما إذا لم يبق إلى طلوع الحمرة إلا مقدار ركعتين بحيث لو صلاهنّ لزم
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٢٦٦ / أبواب المواقيت ب ٥١ ح ١.