معينة يكشف عنها ذهاب الحمرة المشرقية عن سمت الرأس. وهذا هو أشهر الأقوال كما عرفت.
الثالث : تحديد الوقت بذهاب الحمرة المشرقية عن تمام ربع الفلك أعني عن نقطة الشرق إلى دائرة نصف النهار بتمام نواحيها وجوانبها من الجنوب إلى الشمال الذي يتأخر ذلك عن الذهاب عن خصوص القمة ببضع دقائق ، والقائل بذلك قليل جدّاً ، بل لم نعثر على قائل به صريحاً ، فالمعروف إنما هما القولان الأوّلان.
وكيف ما كان ، فقد عرفت أن منشأ الاختلاف اختلاف الروايات الواردة في المقام فلا بد من ذكرها والنظر فيها حتى يتضح الحال. وستعرف إن شاء الله تعالى أن الأقوى هو القول الأول.
فيقع الكلام في الروايات التي استدل بها للقول الأشهر ، وهي وإن كثرت لكن شيئاً منها لا تدل على مطلوبهم ، لضعفها سنداً أو دلالة على سبيل منع الخلو.
فمنها : رواية بريد بن معاوية عن أبي جعفر عليهالسلام « قال : إذا غابت الحمرة من هذا الجانب يعني من المشرق فقد غابت الشمس من شرق الأرض وغربها » (١) رواها الكليني بطريقين (٢) ، وفي كليهما القاسم بن عروة ولم يوثق ، فالرواية ضعيفة سنداً ، وكذا دلالة ، فإن غاية ما يقال في تقريبها : أن غيبوبة الشمس التي هي معنى الغروب إنما تتحقق بزوال الحمرة من ناحية المشرق وهو ملازم لزوالها عن قمة الرأس.
وفيه : أن المراد من المشرق الوارد (٣) فيها على ما يقتضيه ظاهر اللفظ هو
__________________
(١) الوسائل ٤ : ١٧٢ / أبواب المواقيت ب ١٦ ح ١.
(٢) الكافي ٣ : ٢٧٨ / ٢ ، الكافي ٤ : ١٠٠ / ٢.
(٣) لو كان التفسير من الراوي أمكن تطبيق الجانب على ما لا ينافي مذهب الأشهر ، نظراً إلى أن جانب المشرق غير خاص بمطلع الشمس ونقطة الشروق ، بل يشمل الأعالي أيضاً كما لا يخفى.