خصوص موضع طلوع الشمس وشروقها ، في مقابل المغرب الذي يراد به النقطة التي تغرب فيها وتدخل تحت الأُفق ، كما يفصح عنه التعبير عنه بمطلع الشمس في رواية عمار الساباطي (١) لا جميع جهة المشرق وناحيته من قطب الجنوب إلى الشمال كما هو مبنى الاستدلال ، وحيث إن المشرق مطلّ على المغرب بمقتضى كرؤية الأرض وقد صرح به في رواية ابن أشيم الآتية ، فارتفاع الحمرة عن نقطة المشرق يدل على استتار القرص ودخوله تحت الأُفق بطبيعة الحال. فهذا هو مفاد الرواية ولا دلالة لها بوجه على كاشفية ذهاب الحمرة عن تمام ناحية الشرق أو عن قمة الرأس عن الغروب كما توهمه المستدل.
وبالجملة : فرض كرؤية الأرض والتقابل بين نقطتي المشرق والمغرب يستدعي وجود الحمرة في المشرق قبيل الاستتار وما دام القرص باقياً ، وبعد استتاره ودخوله تحت الأُفق ترتفع الحمرة شيئاً فشيئاً إلى أن تزول ، فيكون هذا الارتفاع الممكن مشاهدته لكل أحد كاشفاً عن ذلك الاستتار الذي هو المدار في تعلق الأحكام من وجوب الصلاة وانتهاء الصيام ، ولا تتيسر معرفته غالباً لمكان الجبال والأطلال ونحوهما من الموانع والحواجب التي لا تخلو عنها أقطار الأرض ، فجعل الارتفاع المزبور دليلاً عليه وأمارة كاشفة عنه. إذن فلا ارتباط للرواية بذهاب الحمرة من ناحية المشرق وتجاوزها عن قمة الرأس بوجه ، بل هي على خلاف المطلوب أدلّ وتعدّ من أدلة القول المشهور دون الأشهر ، فتكون الرواية قاصرة الدلالة لهذه العلة.
وأما تضعيف دلالتها بعدم كون الجزاء معلولاً لشرطها ، بداهة عدم كون استتار القرص معلولاً لذهاب الحمرة ، بل هما متلازمان ومعلولان لعلة ثالثة.
فيندفع بعدم اعتبار المعلولية في صحة القضية الشرطية ، وإنما العبرة بقصد الملازمة سواء أتسببت عن العلية والمعلولية ، أم عن جهة أُخرى كما لا يخفى.
__________________
(١) الوسائل ٤ : ١٧٥ / أبواب المواقيت ب ١٦ ح ١٠.