كما أنّ تضعيفها أيضاً بأن ترتب الجزاء على الشرط في الرواية لم يكن بلحاظ الوجود الخارجي بل الوجود العلمي ، ومن البيّن أن ترتب الجزاء على الشرط علماً لا يقتضي تقارنهما حدوثاً ، بل من الجائز سبق حدوث الجزاء ، كما في مثل قولك إذا استطعمك زيد فهو جائع.
مدفوع بظهور القضية في الاقتران ما لم تقم قرينة على الخلاف كما في المثال ، فالعمدة في المناقشة ما عرفت.
هذا كله على تقدير أن يكون متن الرواية ما سمعت المطابق للكافي وأحد طريقي الشيخ (١) ، وأما على طريقه الآخر حيث رواها هكذا : « إذا غابت الحمرة من هذا الجانب يعني ناحية المشرق فقد غربت الشمس في شرق الأرض » (٢). فهي حينئذ تدل على ما نسب إلى بعض الأصحاب من اعتبار زوال الحمرة من تمام ربع الفلك ، فان الظاهر من « ناحية المشرق » هو ذلك (٣) ولا ارتباط لها أيضاً بالقول الأشهر ، فالاستدلال بها لهذا القول لا يتم على التقديرين.
ومنها : ما رواه علي بن أحمد بن أشيم عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليهالسلام « قال : سمعته يقول : وقت المغرب إذا ذهبت الحمرة من المشرق وتدري كيف ذلك؟ قلت : لا ، فقال : لأن المشرق مطل على المغرب هكذا ، ورفع يمينه فوق يساره فاذا غابت هاهنا ذهبت الحمرة من هاهنا » (٤).
وهي مضافاً إلى ضعف سندها لا بعلي بن أحمد نفسه فإنه من رجال كامل الزيارات ، بل بالإرسال فلا تصلح للاستدلال قاصرة الدلالة كما يظهر مما قدمناه حول الرواية السابقة ، حيث عرفت أنّ المراد من المشرق خصوص مطلع الشمس لا ناحيته وجهته ، وأنّ زوال الحمرة عن تلك النقطة من علائم
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٢٥٧ / ١٠٢١.
(٢) التهذيب ٢ : ٢٩ / ٨٥.
(٣) بل الظاهر أن الناحية والجانب مترادفان ، وقد عرفت الحال في الثاني فالأول مثله.
(٤) الوسائل ٤ : ١٧٣ / أبواب المواقيت ب ١٦ ح ٣.