ويعرف طلوع الفجر باعتراض البياض الحادث في الأُفق المتصاعد في السماء الذي يشابه ذنب السرحان ويسمّى بالفجر الكاذب وانتشاره على الأُفق وصيرورته كالقبطية البيضاء وكنهر سوراء بحيث كلّما زدته نظراً أصدقك بزيادة حسنه. وبعبارة اخرى انتشار البياض على الأُفق بعد كونه متصاعداً في السماء (١).
______________________________________________________
نعم ، ورد في الأخيرة بعد ذلك قوله : « ووسط صلاتين بالنهار صلاة الغداة وصلاة العصر » حيث دل على أن صلاة الغداة من النهار ، فيكون مبدؤه طلوع الفجر. مع أن مقتضى ما عرفت أن مبدأه طلوع الشمس ، فيتراءى من ذلك نوع تهافت بين الصدر والذيل.
ويمكن دفعه بابتناء الإطلاق المزبور على ضرب من التوسع والتجوز (١) بعلاقة المجاورة والمشارفة ، نظراً إلى امتداد الوقت إلى طلوع الشمس وجواز الإتيان بها قبيل ذلك ، بل لعله هو الغالب لعامة الناس ، فمن ثم صح إطلاق صلاة النهار عليها وإن لم تكن منها حقيقة.
ويؤيد المطلوب ما اصطلح عليه أهل الهيئة والنجوم من تقسيم الدائرة الوهمية المحيطة بالكرة الأرضية إلى قوسي الليل والنهار ، يعنون بالأول ما بين غروب الشمس إلى طلوعها ، وبالثاني ما بين طلوعها إلى غروبها ، ومن ثم يطلقون اليوم ويريدون به ما بين طلوع الشمس إلى الغروب. إذن فلا مناص من الالتزام بأنّ المراد من منتصف الليل هو ما بين غروب الشمس وطلوعها حسبما عرفت.
(١) بلا خلاف فيه بين الإمامية ، بل عليه أكثر العامة ، بل هو مختار المذاهب
__________________
(١) هذا ليس بأولى من ابتناء التعبير بوسط النهار أو نصفه على التوسع والتجوز ، بل إن الأخير هو المتعيّن ، لكثرة المسامحة في استعمالات لفظ الوسط والاكتفاء بالوسطية التقريبية وكذلك النصف العرفي ، وهذا بخلاف لفظ النهار ، إذ كيف يصح إطلاق النهار على جزء من الليل باعتبار قربه من النهار وإلا كانت صلاة المغرب أيضاً في النهار وهو كما ترى.