الشروع في الثانية إلا السبحة طالت أم قصرت ، وأما أنّ هذه السبحة متى ينتهي وقتها وأنه هل هو الذراع أو المثل أو غيرهما فلا نظر فيها إليه بوجه. ومعه كيف يمكن التمسك بالإطلاق في الجهة التي لم تكن الروايات بصدد البيان من تلك الجهة.
وثانياً : لو سلّم انعقاد الإطلاق كان مقتضاه اختيار القول الأخير ، أعني الامتداد إلى الغروب ، إذ هي كما لم تقيد بالذراع لم تقيد بالمثل أيضاً ، فما هو وجه التخصيص بالثاني لتكون دليلاً على القول الثاني.
وثالثاً : مع الغض عن كل ذلك فاللازم تقييد المطلقات بما ورد في جملة من الروايات من تحديد وقت النافلة بالذراع والذراعين كما في صحيحة زرارة المتقدمة حيث ورد فيها « ... فإذا بلغ فيؤك ذراعاً من الزوال ، بدأت بالفريضة وتركت النافلة ، وإذا بلغ فيؤك ذراعين بدأت بالفريضة وتركت النافلة » (١) عملاً بصناعة الإطلاق والتقييد ، فإن هذا القانون وإن لم يكن مطرداً في باب المستحبات ، بل يحمل القيد على أفضل الأفراد ، إلا أنا ذكرنا في محله أنه يستثني من ذلك مورد واحد ، وهو ما إذا كانا متخالفين من حيث النفي والإثبات كما في المقام ، حيث ورد الأمر بالنافلة وورد النهي عنها بعد الذراع والذراعين لقوله : « وتركت النافلة .. » إلخ ، فإن اللازم حينئذ حمل المطلق على المقيد كما بيناه في محله في الأُصول ، هذا.
ومما ذكرناه يظهر لك بطلان القول الثالث الذي هو خيرة المتن من امتداد الوقت الى الغروب ، حيث إنّ مستنده إما إطلاق النصوص على حذو ما تقدم في القول الثاني ، وقد عرفت ما فيه من عدم كونها بصدد البيان من هذه الجهة فلم ينعقد لها الإطلاق ، وعلى تقديره فهو مقيد بنصوص الذراع والذراعين.
وإما الروايات الناطقة بأن النافلة بمنزلة الهدية متى ما اتي بها قبلت سواء قدّمتها أم أخّرتها ، التي منها ما رواه الكليني بإسناده عن عمر بن يزيد عن
__________________
(١) تقدم المصدر في ص ٢٣٩.