وفيه : أنّ دعوى الانسباق والانصراف وإن لم تكن بعيدة بالنسبة إلى النصوص المشتملة على التحديد بالبعدية إلاّ أنّ هناك نصوصاً أُخر مطلقة من هذه الجهة ، جعل العبرة فيها بالبيتوتة كصحيحة زرارة قال : « قال أبو جعفر عليهالسلام : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يبيتنّ إلا بوتر » (١) بعد تفسير الوتر بالوتيرة في النصوص الأُخر ، فإنه لا سبيل لدعوى الانصراف في هذه الأخبار كما هو واضح ، ومقتضى إطلاقها هو القول بالامتداد كما عليه المشهور.
نعم ، لا يبعد القول بانتهاء الوقت بانتصاف الليل وإن بنينا على امتداد وقت الفريضة إلى الطلوع و[ يدل على ] ذلك :
أوّلاً : التعبير بالبيتوتة في هذه الأخبار ، حيث إن المتعارف بين عامة الناس المنام (٢) قبل انتصاف الليل ، ومن البيّن أنّ استحباب البيتوتة بالوتر منزّل على ما هو الغالب المتعارف من الإتيان قبل هذا الوقت ، فلو ترك ونام قبل الانتصاف ثم استيقظ بعده فقد صدق أنه بات بغير وتر.
وثانياً : النصوص الواردة في المبيت بمنى في ليالي التشريق المتضمنة لتحديده بمنتصف الليل ، حيث يستفاد منها أن هذا هو حد البيتوتة (٣) من غير اختصاص بمورد دون مورد. إذن فلا بد من الإتيان بالوتيرة قبل الانتصاف كي لا يصدق أنه بات من غير وتر.
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٩٤ / أبواب أعداد الفرائض ب ٢٩ ح ١.
(٢) لا دخل للمنام في صدق البيتوتة ، فان معناها الكون في الليل وإن لم ينم أصلاً. قال في أقرب الموارد [ ١ : ٦٩ ] بات في المكان نزل وقضى الليل فيه ، وفي موضع آخر : أدركه الليل نام أم لم ينم قال ومن قال بات فلان إذا نام فقد أخطأ.
(٣) لكن صحيحة معاوية بن عمار صريحة في التعبير عما بعد النصف بالبيتوتة قال عليهالسلام : « ... وإن خرجت بعد نصف الليل فلا يضرّك أن تبيت في غير منى » الوسائل ١٤ : ٢٥١ / أبواب العود إلى منى ب ١ ح ١. ومنه يظهر سعة الإطلاق وعدم التحديد بالنصف في صدق المفهوم وإن كان بعض الأحكام مختصاً به.