يؤخرهما » (١) لدلالتها على مركوزية جواز الإتيان بها قبل ظهور الحمرة في ذهن السائل وكونه أمراً مفروغاً عنه ، ومن ثم خص السؤال بما بعد الظهور ، وقد أقرّ الإمام عليهالسلام ما كان مرتكزاً ومغروساً عنده ، وسوف يأتي مزيد بحث حول هاتين الصورتين عند تعرض الماتن لهما.
وإنما الكلام في صورة ثالثة وهي الإتيان بها قبل طلوع الفجر من غير الاتصاف بعنوان الدسّ ، بأن يقتصر عليها خالية عن الاقتران بصلاة الليل ، سواء لم يأت بها أصلاً ، أو أتى بها مع فصل طويل مانع عن الصدق المزبور.
ظاهر التحديد بطلوع الفجر في كلمات من حدد الوقت به ، عدم الجواز لكونه من الصلاة قبل الوقت ، خرجنا عنه في صورة الدس بالنص ولا سبيل للتعدي عنه.
غير أنّ بعضهم ومنهم صاحب الوسائل صرّح بالجواز حيث أخذه في عنوان بابه فقال في الباب الخمسين من أبواب المواقيت ما لفظه : باب استحباب تقديم ركعتي الفجر على طلوعه بعد صلاة الليل بل مطلقاً (٢).
والذي ينبغي أن يقال : إن الإتيان بها قبل طلوع الفجر بفاصل كثير مانع عن إضافتها إليه لم ينهض أيّ دليل على مشروعيته ، إذ المأتي به بعد منتصف الليل أو في الثلث الأخير منه كيف تتصف بنافلة الفجر وتعنون بهذا الاسم ، بل تسميتها حينئذ بنافلة الليل أحرى وأولى كما لا يخفى ، فنفس هذه التسمية كافية في الدلالة على عدم المشروعية ، ولزوم الإتيان بها في زمان صالح للإضافة وقابل لتلك التسمية ، بأن يؤتى بها مقارناً للطلوع أو بعده أو قبيله بشيء قليل. وتؤيده رواية محمد بن مسلم قال : « سألت أبا جعفر عليهالسلام عن أول وقت ركعتي الفجر ، فقال : سدس الليل الباقي » (٣) فان السدس الباقي
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٢٦٦ / أبواب المواقيت ب ٥١ ح ١.
(٢) الوسائل ٤ : ٢٦٣ / أبواب المواقيت ب ٥٠.
(٣) الوسائل ٤ : ٢٦٥ / أبواب المواقيت ب ٥٠ ح ٥.