الإتيان بالظهرين قبل الغروب بساعة ، بل كانوا ملتزمين بوقت الفضيلة ، مع ضرورة امتداد الوقت إلى الغروب ، فلا مجال للاستدلال بعملهم الخارجي على التوقيت الشرعي بوجه.
رابعها : الروايات الكثيرة الدالة على جواز التقديم على النصف للمعذور كالمريض والمسافر والشاب وخائف الجنابة وغيرهم ، فإنه لو كان التقديم سائغاً في طبعه والوقت واسعاً في نفسه فما هو الموجب لهذا التخصيص وذكر هؤلاء بالتنصيص ، بل هو سائغ لهم ولغيرهم بمناط واحد.
والجواب : أنّه يمكن أن يكون امتيازهم عن غيرهم مع فرض سعة الوقت في نفسه مرجوحية التقديم في حال الاختيار وارتفاعها عن المعذور فيكون الأفضل التأخير عن النصف إلا لهؤلاء المعذورين.
خامسها : ما رواه الشيخ بإسناده عن محمد بن مسلم قال : « سألته عن الرجل لا يستيقظ من آخر الليل حتى يمضي لذلك العشر والخمس عشرة ، فيصلي أوّل الليل أحب إليك أم يقضي؟ قال : بل يقضي أحبّ إليّ ، إني أكره أن يتخذ ذلك خُلقا ، وكان زرارة يقول : كيف تقضى صلاة لم يدخل وقتها ، إنما وقتها بعد نصف الليل » (١).
وفيه : مضافاً إلى ضعف السند بمحمد بن سنان ، أنّ محل الاستشهاد وهو الذيل وإن كان صريحاً في المطلوب ، لكنه قول زرارة نفسه دون الامام عليهالسلام ، ولعله رأيه وفتواه ، ولا اعتداد به ما لم ينسبه إليه عليهالسلام.
والمتحصل لحدّ الآن : أنّ هذه الوجوه لا يتم الاستدلال بشيء منها للقول المشهور. والصواب أن يستدل له بوجهين آخرين :
أحدهما : موثقة زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام قال : « إنما على أحدكم
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٢٥٦ / أبواب المواقيت ب ٤٥ ح ٧. التهذيب ٢ : ١١٩ / ٤٤٨.