إذا انتصف الليل أن يقوم فيصلّي صلاته جملة واحدة ثلاث عشر ركعة .. » إلخ (١).
دلت بمقتضى المفهوم على أنه ليس لأحد أن يقوم قبل انتصاف الليل ولم أرَ من استدل بها في المقام وبذلك تقيد المطلقات. ومن المعلوم أنه لا مجال لحمل التقييد على أفضل الأفراد حتى في باب المستحبات بعد أن كانا متخالفين في النفي والإثبات كما نبهنا عليه في الأُصول (٢).
ثانيهما : الروايات الدالة على تقديم القضاء لدى الدوران بينه وبين الإتيان بها في أول الليل التي منها صحيحة معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليهالسلام أنه قال : « قلت له : إن رجلاً من مواليك من صلحائهم شكى إليّ ما يلقى من النوم إلى أن قال ـ : ولم يرخص في النوافل ( الصلاة ) أول الليل ، وقال القضاء بالنهار أفضل » (٣) ونحوها غيرها.
فإنها خير دليل على أنّ مبدأ الوقت إنما هو الانتصاف ، إذ لو كان هو أول الليل كان التقديم إتياناً لها في وقتها وتتصف حينئذ بالأداء بطبيعة الحال فكيف يفضّل عليه التأخير والإتيان في خارج الوقت ، فانّ مرجعه إلى تفضيل القضاء على الأداء وترجيحه عليه ، وهو كما ترى منافٍ لحكمة التوقيت وتشريع الأجل ، هذا.
ويستدل للقول الآخر أعني امتداد الوقت منذ أوّل الليل بوجوه :
أحدها : المطلقات المتضمّنة لاستحباب صلاة الليل على اختلاف ألسنتها ، من أنها ثمان ركعات ، أو إحدى عشرة ، أو ثلاث عشرة ركعة في الليل ، ولعل منها : قوله تعالى ( يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلاّ قَلِيلاً
__________________
(١) الوسائل ٦ : ٤٩٥ / أبواب التعقيب ب ٣٥ ح ٢.
(٢) لاحظ محاضرات في أُصول الفقه ٥ : ٣٨٣.
(٣) الوسائل ٤ : ٢٥٥ / أبواب المواقيت ب ٤٥ ح ١.