إلا أنه يتوجه عليها : أن تعليق الوجوب على الشرط بهذا المعنى أعني إناطته بوجود السبع مستدرك لحصوله دائماً فتلزم اللغوية ، إذ بعد ملاحظة اختصاص الحكم بالحاضرين لسقوط الوجوب التعييني عن المسافر جزماً كما نص على استثنائه في غير واحد من الأخبار ، فما من بلد بل ولا قرية إلا ويوجد فيها وما حولها إلى ما دون أربع فراسخ من كل جانب الذي هو حدّ السفر الشرعي آلاف من النفوس فضلاً عن سبع نفر من المسلمين ، ففرض مكان يسكن فيه مكلف غير مسافر ولم يبلغ السبعة من الجوانب الأربعة البالغ مساحةً ستة عشر فرسخاً نادر التحقق ، بل لا يكاد يتفق خارجاً إلا بالإضافة إلى القاطنين في المناطق الجبلية والمرتفعات الشاهقة من الرهبان ونحوهم ممن يعيش منعزلاً عن المجتمعات البشرية ، ولا يحتمل أن يكون التقييد في هذه الروايات احترازاً عن مثل هذه الأفراد كما لا يخفى.
وعليه فيلزم من تعليق الحكم على مثل هذا الشرط الحاصل في كل زمان ومكان ما ذكرناه من اللغوية.
فلا مناص من أن يكون المراد بالشرط اجتماع العدد المزبور بصفة الانضمام وعلى سبيل الهيئة الاتصالية المعتبرة في إقامة الجمعة ، احترازاً عما إذا كانوا متفرقين غير قاصدين لإقامتها فلا تجب حينئذ على أحد منهم ، ولازم ذلك عدم ثبوت الوجوب التعييني قبل الإقامة.
نعم ، مقتضى الرواية أنه لو اتفق الاجتماع المزبور وجبت عليهم إقامتها حينئذ تعييناً لحصول الشرط ، لكن الوجوب محمول على التخييري بقرينة سائر الأخبار. وإن شئت قل : تتقيد الرواية بوجود مَن يخطب ، جمعاً بينها وبين الروايات المتقدمة التي أُنيط الوجوب فيها بوجود مَن يخطب فعلاً ، فيكون حاصل المعنى حينئذ : أنه إذا اجتمع سبعة من المسلمين أَمَّهم بعضهم وخطبهم إذا كان هناك من يقدم بالفعل لأداء الخطبة ، وإلا فلا تجب. وهذا بحسب النتيجة يؤول إلى الوجوب التخييري بل هو عينه كما لا يخفى.