الروايتين ، كما لا تأمل في الدلالة ، فلا إشكال في المسألة.
وهل التقديم هنا على سبيل التعجيل كما عبّر به في الصحيحتين أو أنه أداء ومن باب التوسعة في الوقت؟ الظاهر هو الثاني ، إذ المقام من مصاديق الدوران بين مراعاة الوقت وبين مراعاة الطهارة المائية ، ولا شبهة في لزوم تقديم الأول والانتقال في الثاني إلى البدل ، بل إن العلم بالإخلال بالثاني لا يسوَّغ الإخلال بالأول فضلاً عن خوفه.
وبالجملة : لا يجوز تفويت الوقت الذي هو من الأركان لأجل درك الطهارة المائية مع التمكن من بدلها وهو الطهارة الترابية ، فبهذه القرينة القاطعة يعلم أن التقديم لخائف الجنابة إنما هو من باب التوسعة فتقع الصلاة في وقتها ، لا أنها تعجيل وإيقاع لها قبل الوقت ليتنافى مع ما عرفت.
والمتحصل : أن التقديم في الموارد الثلاثة المتقدمة إنما هو من باب التوسعة في الوقت ، كما أنه مقيد بخوف الفوات أو صعوبة القيام بعد الانتصاف.
ومنها : المريض ، ولا مستند له عدا ما رواه الصدوق قدسسره عن الفضل بن شاذان عن الرضا عليهالسلام في حديث قال : « إنما جاز للمسافر والمريض أن يصليا صلاة الليل في أول الليل لاشتغاله وضعفه ، وليحرز صلاته فيستريح المريض في وقت راحته ، وليشتغل المسافر باشتغاله وارتحاله وسفره » (١) ولكنها لضعف سندها من أجل ضعف طريق الصدوق إلى ابن شاذان لا يمكن الاعتماد عليها.
ومنها : الشيخ ، وقد ورد ذلك فيما رواه الكليني عن محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن صفوان بن يحيى ، عن منصور بن حازم ، عن أبان بن تغلب قال : « خرجت مع أبي عبد الله عليهالسلام فيما بين مكة والمدينة فكان
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٢٥٠ / أبواب المواقيت ب ٤٤ ح ٣. الفقيه ١ : ٢٩٠ / ١٣٢٠.