موردها ، أنها أخص من المدعى حيث تضمنت قيدين :
أحدهما : أن تكون الصلاة في المسجد.
ثانيهما : اختصاص الحكم بالإمام ، فلا دلالة لها على ثبوته للمأموم ولا في غير المسجد. إذن فلا بد من التكلم على مقتضى القواعد بعد كون المقام من صغريات المزاحمة بين فضيلة أول الوقت وبين فضيلة الجماعة.
ولا ينبغي التأمل في أنّ مقتضاها التفصيل بين التأخير عن أول وقت الفضيلة إلى وسطه أو منتهاه ، وبين التأخير إلى وقت الإجزاء ، فيكون الأفضل هو التأخير في الصورة الأُولى ، لما فيه من الجمع بين الفضيلتين ، فان البدار إلى أول وقتها وإن كان أفضل بل يستحب الإتيان بها فوراً ففوراً ، إلا أن ذلك لا يقاوم فضيلة الجماعة كما لا يخفى. وتدل عليه السيرة القطعية المتصلة بزمن المعصومين عليهمالسلام حيث إنها استقرت على انتظار حضور الامام واجتماع المأمومين ، ولعل هذا هو مراد الماتن حيث قيّده بما إذا لم يفض إلى الإفراط في التأخير.
وأما في الصورة الثانية ، فالأفضل التعجيل والإتيان بها فرادى ، وعدم انتظار الجماعة ، لما في التأخير إلى وقت الاجزاء من التخفيف والاستهانة بأمر الصلاة بمثابةٍ أُطلق عليه التضييع في لسان الأخبار ، ففي موثقة سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليهالسلام « قال : العصر على ذراعين ، فمن تركها حتى تصير على ستة أقدام فذلك المضيّع » (١) ونحوها غيرها.
ومن البيّن أنّ فضيلة الجماعة مهما بلغت لا تكاد تكون جابرة للتضييع الذي هو بمثابة الترك ، وهل يمكن القول بأنّ تضييع الصلاة أفضل لمكان درك الجماعة.
وبعبارة اخرى : يدور الأمر بين إدراك فضيلة الجماعة مع فوات فضيلة الوقت بحيث يعدّ مضيّعاً للصلاة ، وبين درك ما لا تضييع معه وإن فاتته فضيلة
__________________
(١) الوسائل ٤ : ١٥٢ / أبواب المواقيت ب ٩ ح ٢.