كتاب الطهارة (١) وذكرنا أنّ المشهور استثنوا ثوب المربية مما دل على اعتبار الطهارة في لباس المصلي استناداً إلى رواية أبي حفص عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « سئل عن امرأة ليس لها إلا قميص واحد ، ولها مولود فيبول عليها كيف تصنع؟ قال : تغسل القميص في اليوم مرّة » (٢) حيث دلت على كفاية الغسل في كل يوم مرّة واحدة ، فيكتفى بإيقاع صلاة واحدة من الصلوات الخمس مع الطهارة ، ولا تقدح النجاسة فيما عدا ذلك ، وإن كان الأفضل لها أن تغسله بعد الزوال فتصلي به الظهرين ، وأفضل من ذلك أن تغسله في آخر النهار لتجمع بين الظهرين والعشاءين.
لكنك عرفت في محله أن الرواية ضعيفة السند من أجل محمد بن يحيى المعاذي ، حيث إنّ ابن الوليد استثناه من رجال النوادر وتبعه الصدوق وابن نوح ، ويظهر من الشيخ والنجاشي تقريره. أضف إلى ذلك : أن محمد بن خالد الواقع في السند مردد بين الثقة والضعيف ، وكذلك أبو حفص فلا ينبغي الشك في ضعف السند ، إلا أن يدعى انجبار الضعف بعمل المشهور ولا نقول به. إذن فلا يمكن التعويل عليها في الخروج عما دل على اشتراط الطهارة في لباس المصلي ، ومعه لا مناص من العمل على ما تقتضيه القواعد.
ولا ريب أنّ مقتضى قاعدة نفي الحرج الاقتصار على غسل قميصها في اليوم مرّة واحدة فيما إذا كان الزائد حرجاً عليها ، ولكن يجب عليها حينئذ الجمع بين الصلاتين ، إذ لا موجب لرفع اليد عن دليل شرطية الطهارة مع التمكن من مراعاتها في هذه الصورة من دون حرج والضرورات تقدّر بقدرها ، والأفضل لها حينئذ تأخير الظهر إلى منتهى وقت الفضيلة وتقديم العصر لتجمع بين وقت الفضيلتين.
ومنه تعرف أنها لو تمكّنت من مراعاة الطهارة في الصلوات الأربع بتأخير
__________________
(١) شرح العروة ٣ : ٤٤٣.
(٢) الوسائل ٣ : ٣٩٩ / أبواب النجاسات ب ٤ ح ١.