لكونه مصداقاً للقطع القهري وإن لم يعلم به ، وحيث إن القطع في هذا التقدير يكون مستنداً إلى عدم التعلم فهو غير معذور فيه ومعاقب عليه بمقتضى قوله عليهالسلام في الصحيح : « ... أفلا تعلّمت حتى تعمل » (١).
وبالجملة فهذا الاحتمال متنجّز عليه بعد الاستناد المزبور من غير دافع فيجب عليه عقلاً التأخير والتعلم دفعاً للضرر المحتمل إلا إذا كان مطمئناً بعدمه ، حيث إنّ الاطمئنان حجة عقلائية ولا يعتنى باحتمال خلافه.
ومنه تعرف أنه لا وجه لما صنعه في المتن من التقييد بغلبة الاتفاق ، بل يكفي مجرد احتمال الابتلاء وإن كان فاقداً للمعرضية ولم يكن مورداً للغلبة كالشك بين الثنتين والست ، لوحدة المناط وهو ما عرفته من الاستناد على تقدير التحقق إلى ترك التعلم وعدم كونه معذوراً فيه.
والتصدي لتوجيه ما في المتن بالتمسك باستصحاب عدم الابتلاء ، مدفوع بأن هذا الاستصحاب محكوم بأدلة وجوب التعلم التي لا قصور في شمول إطلاقها للفرض ، وإلا لجرى الاستصحاب حتى مع غلبة الاتفاق أيضاً وهو كما ترى.
وبالجملة : أدلة التعلم حاكمة على الاستصحاب المزبور مطلقاً ، ولا مجال معها للرجوع إليه كما لا يخفى ، هذا.
ولكنا ذكرنا في محله (٢) أنّ حرمة قطع الفريضة لا دليل عليها ما عدا الإجماع المدعى في كلمات غير واحد من الأعلام ، وحيث إنّ المحصّل منه غير حاصل ومنقوله غير مقبول ، إذن فمقتضى الصناعة جواز القطع والاستئناف ، ومعه لا يجب التأخير في المقام لتعلم الأحكام فلاحظ.
__________________
(١) بحار الأنوار ٢ : ٢٩ ، ١٨٠.
(٢) العروة الوثقى ١ : ٥٤٠ / فصل في حكم قطع الصلاة قبل المسألة [١٧٤٨].