الأشهر (١) ولعل مراده أنه أشهر بين المتأخرين ، لعدم انسجامه مع دعوى الإجماع على عدم الجواز الصادرة من المحقق حسبما سمعت ، لو أراد به ما يشمل المتقدمين. وكيف ما كان فلا ينبغي التأمل في أنّ القائل من كل من الطرفين جماعة كثيرون ممن يعتدّ بهم شخصاً وعدداً.
ومنشأ الخلاف اختلاف الروايات الواردة في المقام وكيفية الاستفادة منها.
وينبغي التكلم تارة : في حكم التطوع بعد دخول الوقت ، واشتغال الذمة بالوظيفة الأدائية ، وأُخرى : في حكمه ممن ذمته مشغولة بالفريضة القضائية ، فهنا مقامان :
أما المقام الأوّل : فالكلام فيه يقع تارة من ناحية المقتضي لعدم الجواز وأُخرى من ناحية المانع عنه بعد تمامية المقتضي.
أما الجهة الأُولى : فيستدل لعدم الجواز بجملة من الروايات :
منها : صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام قال : « سألته عن ركعتي الفجر قبل الفجر أو بعد الفجر؟ فقال : قبل الفجر إنهما من صلاة الليل ، ثلاث عشرة ركعة صلاة الليل ، أتريد أن تقايس ، لو كان عليك من شهر رمضان أكنت تطوّع ، إذا دخل عليك وقت الفريضة فابدأ بالفريضة » (٢).
فإن الأمر بالبدأة بالفريضة بعد دخول وقتها كالصريح في النهي عن التطوع في وقت الفريضة.
وفيه : أنها وإن كانت ظاهرة في المنع إلا أن موردها خصوص نافلة الفجر لا مطلق التطوع ، وحيث قد دلت نصوص أُخر على جواز الإتيان بها بعد طلوع الفجر حسبما تقدم في محله فلا جرم يحمل النهي فيها على الكراهة ومجرد المرجوحية ، جمعاً بين النصوص. إذن فلا يمكن الاستدلال بها على المنع حتى في موردها فضلاً عن التعدي إلى سائر الموارد ، هذا.
__________________
(١) الدروس ١ : ١٤٢.
(٢) الوسائل ٤ : ٢٦٤ / أبواب المواقيت ب ٥٠ ح ٣.