ولا يبعد أن يكون قوله عليهالسلام : « أتريد أن تقايس .. » إلخ مسوقاً لتعليم زرارة كيفية الجدل والمناظرة مع خصومه من أبناء العامة الذين يرون جواز الإتيان بالنافلة بعد طلوع الفجر ، مع التزامهم بحجية القياس وبما هو الصواب من عدم جواز التطوع بالصوم ممن عليه فريضته ، بالنقض عليهم بالصوم جرياً على مسلكهم ، لا أنه بصدد الاستدلال بالقياس المعلوم عدم كونه من مذهبنا ، فإنه لا سبيل للاستدلال بما هو واضح البطلان في الشريعة المقدسة.
ومنها : صحيحة أُخرى لزرارة عن أبي جعفر عليهالسلام « أنه سئل عن رجل صلّى بغير طهور أو نسي صلوات لم يصلها أو نام عنها ، قال : يقضيها إذا ذكرها في أيّ ساعة ذكرها إلى أن قال : ولا يتطوع بركعة حتى يقضي الفريضة كلها » (١).
فان موردها وإن كان هو القضاء إلا أنها تدل على النهي عن التطوع ممن عليه فريضة أدائية بطريق أولى.
ويندفع أوّلاً : بأن النهي في قوله عليهالسلام : « ولا يتطوع ... » إلخ لم يكن حكماً جديداً ابتدائياً ، وإنما هو متفرع على الأمر بالقضاء المذكور في صدر الحديث ، فان متن الرواية هكذا : « فقال : يقضيها إذا ذكرها في أيّ ساعة ذكرها من ليل أو نهار ، فاذا دخل وقت الصلاة ولم يتم ما قد فاته فليقض ما لم يتخوّف أن يذهب وقت هذه الصلاة التي قد حضرت ، وهذه أحق بوقتها فليصلها ، فاذا قضاها فليصل ما فاته مما قد مضى ولا يتطوع بركعة حتى يقضي الفريضة كلها » (٢).
فإنه عليهالسلام لما أمر أوّلاً بالقضاء بقوله : « يقضيها إذا ذكرها .. » إلخ فرّع عليه قوله : « فاذا دخل وقت الصلاة ... » إلخ ثم عطف على هذا التفريع قوله : « ولا يتطوع ... » إلخ ، إذن فالنهي المزبور تفريع على الأمر بالقضاء ،
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٢٨٤ / أبواب المواقيت ب ٦١ ح ٣.
(٢) الوسائل ٨ : ٢٥٦ / أبواب قضاء الصلوات ب ٢ ح ٣.