ومقتضى التفريع أن النهي عن التطوع تابع لكيفية الأمر بالقضاء في كونه على سبيل الإلزام وعدمه ، فان بنينا على كونه حكماً إلزامياً ، للبناء على المضايقة في قضاء الفوائت ، كان النهي إلزامياً أيضاً ، وإن بنينا على عدمه لأجل الالتزام بالمواسعة في قضائها كان النهي طبعاً تنزيهياً ، وحيث إن الصواب هو الثاني كما هو موضح في محله ، فلا جرم لا يستفاد الإلزام من النهي المزبور بوجه.
وثانياً : أن مورد الصحيحة هو الفريضة القضائية ، ومحل كلامنا فعلاً هو التطوع ممن عليه الفريضة الأدائية ، ولا ملازمة بينهما لعدم الدليل عليها ، والأولوية المدعاة ممنوعة ولا سيما على القول بالمضايقة ، حيث إن القضاء حينئذ فوري ، فلا مجال معه للتطوع ، وهذا بخلاف الحاضرة فالتعدي إليها في غير محله.
ومنها : ما رواه الشهيد في الذكرى بسنده الصحيح حسبما عبّر به في الوسائل عن زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام « قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إذا دخل وقت صلاة مكتوبة فلا صلاة نافلة حتى يبدأ بالمكتوبة ... » الحديث (١).
وهي كما ترى واضحة بل صريحة الدلالة ، غير أن السند ضعيف ، حيث لم توجد في كتب الحديث ولم يصل إلينا سندها لننظر فيه ، وإن وصفه الشهيد بالصحة ، إذ لا ملازمة بين الصحة عنده وبينها عندنا ، لاحتمال استنادها إلى اجتهاده وحدسه بحيث لو وصلنا لناقشنا فيه ، فهي بالإضافة إلينا في حكم المرسل.
ومنها : ما رواه الشهيد الثاني في الروض عن زرارة في الصحيح قال : « قلت لأبي جعفر عليهالسلام : أُصلي نافلة وعليّ فريضة أو في وقت فريضة ، قال : لا ، إنه لا تصلى نافلة في وقت فريضة ، أرأيت لو كان عليك (٢) من شهر
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٢٨٥ / أبواب المواقيت ب ٦١ ح ٦ ، الذكرى ٢ : ٤٢٢ ..
(٢) [ أُضيف في هامش الروض : صوم ].