فصلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ركعتي الفجر وأمر أصحابه فصلّوا ركعتي الفجر ، ثم قال : فصلى بهم الصبح إلى أن قال : فحملت الحديث إلى الحكم وأصحابه فقالوا : نقضت حديثك الأول ، فقدمت إلى أبي جعفر عليهالسلام فأخبرته بما قال القوم ، فقال : يا زرارة إلا أخبرتهم أنه قد فات الوقتان جميعاً وأن ذلك كان قضاءً من رسول الله صلىاللهعليهوآله » (١).
ومقتضى الجمع العرفي بعد صراحة هذه في الجواز حمل النهي في الأُولى على الكراهة أو الإرشاد حسبما تقدم.
سادسها : وهو أحسن ما استدل به في المقام ، صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام « أنه سئل عن رجل صلى بغير طهور ، أو نسي صلاة لم يصلها ، أو نام عنها فقال : يقضيها إذا ذكرها في أيّ ساعة ذكرها من ليل أو نهار ، فاذا دخل وقت الصلاة ولم يتم ما قد فاته فليقض ما لم يتخوف أن يذهب وقت هذه الصلاة التي قد حضرت وهذه أحق بوقتها فليصلها ، فاذا قضاها فليصلّ ما فاته مما قد مضى ، ولا يتطوع بركعة حتى يقضي الفريضة كلها » (٢) فإنها صريحة في النهي عن التطوع ممن عليه القضاء كما أنها صحيحة السند.
ولكنك عرفت فيما سبق المناقشة في دلالتها ، نظراً إلى أن النهي عن التطوع لم يكن حكماً مستقلا جديداً وإنما هو متفرع على الأمر بالقضاء وثبوت التضييق فيه ، فان من شؤونه وتوابعه المنع عن التطوع ، فاذا كان الأمر المزبور محمولاً على الاستحباب كما هو مقتضى القول بالمواسعة وهو الصواب فلا جرم كان النهي المذكور محمولاً على التنزيه فتصح النافلة وإن كانت مكروهة.
بل الأمر كذلك حتى على القول بالمضايقة ، إذ لا يكاد يستفاد من الصحيحة شرطية الفراغ عن القضاء في صحة النافلة بوجه ، بل غايته المزاحمة بينهما ولزوم تقديم القضاء ، فلو خالف وقدّم النافلة أمكن تصحيحها بالترتب وإن
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٢٨٥ / أبواب المواقيت ب ٦١ ح ٦ ، الذكرى ٢ : ٤٢٢.
(٢) الوسائل ٨ : ٢٥٦ / أبواب قضاء الصلوات ب ٢ ح ٣.