كان عاصياً في التأخير ، فهي إذن مشروعة ومحكومة بالصحة على كل تقدير.
والمتحصل من جميع ما تقدم : أنّ المقتضي للمنع عن التطوع ممن عليه القضاء قاصر في حدّ نفسه ، لعدم نهوض شيء مما استدل به المانعون لإثباته.
وأما الموضع الثاني : أعني المانع على تقدير ثبوت المقتضي الذي هو بمثابة المعارض له ، فقد اتضح مما سبق أنه موجود وهو موثق سماعة وصحيح محمد ابن مسلم المتقدمان (١) في المسألة السابقة ، حيث عرفت دلالتهما صريحاً على جواز التطوع ممن عليه الأداء ، فإنهما تدلان عليه في القضاء أيضاً بطريق أولى ، إذ لم يقل أحد بجواز النافلة ممن عليه الحاضرة وعدمه ممن عليه الفائتة بخلاف العكس ، حيث ذهب إليه بعضهم استناداً إلى ما رواه الشهيد عن زرارة الحاكية لتعريس النبي صلىاللهعليهوآله والمتضمنة للتفصيل بين الأداء والقضاء بالمنع في الأول دون الثاني وقد تقدمت.
إذن فالقول بالجواز ممن عليه الحاضرة كما تضمنته الموثقة والصحيحة يستلزم الجواز ممن عليه الفائتة بالأولوية القطعية ، ويتأيد ذلك بروايتين :
إحداهما : موثقة أبي بصير المتقدمة (٢) سابقاً عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « سألته عن رجل نام عن الغداة حتى طلعت الشمس ، فقال : يصلي ركعتين ثم يصلي الغداة » (٣).
وهي كما ترى صريحة الدلالة ، وإنما جعلناها مؤيّدة لأن موردها قضاء صلاة الغداة ، ومن الجائز على بُعد اختصاص الحكم بها ، وعدم الدليل على التعدي عنها فتكون أخص من المدعى.
ثانيتهما : ما رواه علي بن موسى بن طاوس في كتاب غياث سلطان الورى عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام قال : « قلت له : رجل عليه دين من صلاة قام يقضيه فخاف أن يدركه الصبح ولم يصل صلاة ليلته تلك ،
__________________
(١) في ص ٣٣٣ ، ٣٣٥.
(٢) في ص ٣٤٠.
(٣) الوسائل ٤ : ٢٨٤ / أبواب المواقيت ب ٦١ ح ٢.