نعم ، يمكن الاستدلال للصحة بل وتطبيقها على القاعدة بأن محتملات المسألة ثلاثة : إما البطلان أو الإتمام عشاء ، أو العدول بها إلى المغرب ، ولا رابع.
لكن الأول مدفوع بحديث لا تعاد ، إذ لا موجب لتوهم البطلان ما عدا الإخلال بالترتيب ، المنفي بالحديث بعد اندراجه في عقد المستثنى منه.
والثاني يستوجب الإخلال بالترتيب عامداً في الركعة الأخيرة بناءً على ما هو الصواب من أنه شرط في تمام الأجزاء بالأسر لا في خصوص المجموع (١) ، إذ عليه وإن كان الإخلال بالإضافة إلى الأجزاء السابقة مستنداً إلى الغفلة لكنه بالنسبة إلى اللاحقة صادر عن علم وعمد ، فالإتمام عشاء إخلال عمدي للترتيب بقاءً ، فهذا الاحتمال يتلو سابقه في الضعف ، فلا جرم يتعين الاحتمال الثالث. إذن فالعدول وإن كان في حد نفسه مخالفاً للقاعدة ومحتاجاً إلى دليل خاص ، لكنه في خصوص المقام مطابق للقاعدة الثانوية بالبيان المتقدم. فما عليه المشهور هو الصحيح.
وأما في الصورة الثالثة : أعني ما لو كان التذكر بعد الدخول في ركوع الرابعة فقد احتاط في المتن وجوباً بالإتمام عشاءً ثم إعادتها بعد المغرب ، ولكنه مخالف لما اختاره في المسألة الثالثة من مبحث الأوقات (٢) من الفتوى بالبطلان ، وهو الأقوى ، فيجوز قطعها والإتيان بها بعد المغرب ، إذ لا سبيل للتصحيح لا عشاء لما عرفت من استلزامه الإخلال بالترتيب عامداً بالإضافة إلى الأجزاء اللاحقة ، ولا بالعدول إلى المغرب لفوات محله بالدخول بالركن
__________________
(١) [ لعل الصحيح التعبير بالشروع بدل المجموع ، لأن اعتبار الترتيب في المجموع المراد به العام المجموعي معناه اعتباره في خصوص ما إذا كان ملتفتاً إليه من أول الصلاة إلى آخرها ، فاذا غفل عنه في جزء منها سقط اعتباره. ولازمه صحة الصلاة فيما إذا دخل فيها مخلاًّ بالترتيب عمداً مع زوال التفاته فيما بعد لحظة ، وهذا لا يمكن الالتزام به. فلعل منشأ التعبير بالمجموع هو الغفلة عن هذا اللازم وتخيل اتحاد التعبيرين في المعنى ].
(٢) العروة الوثقى ١ : ٣٧٤ / مسألة ٣ / ١١٨٢.