الكعبة موازية لوسط الجبهة فهو ، وكذا لو كانت منحرفة إلى أحد الجانبين ، أي بمقدار ست وعشرين درجة من كل جانب ، فان الانحراف بهذا المقدار غير قادح في صدق الاستقبال الحقيقي كما تقدم ، وإنما القادح هو الأكثر من ذلك ، والمفروض أنّ انحراف الكوفة لا يبلغ هذا الحد فلا يقدح.
ثالثها : أن قبلة الكوفة وهي من أعظم الأمصار الإسلامية الحاوية على مساجد عديدة ، ومنها المسجد الأعظم الذي صلى فيه جملة من الأنبياء والمعصومين عليهمالسلام معروفة مشهورة ومعلومة لدى العوام فضلاً عن الخواص فكيف يمكن افتراض الجهل بها ولا سيما من مثل محمد بن مسلم على ما هو عليه من جلالة القدر ، فلا يحتمل اختصاص العلامة بها ، وقد عرفت امتناع الأخذ بالإطلاق ، فلا محالة تصبح الرواية مجملة.
ويندفع : بأنّ ذلك لا يمنع عن تعلق السؤال بالكوفة بلحاظ خارج البلدة وضواحيها ، حيث لا مسجد ولا محراب ولا علامة يهتدي بها من شمس أو قمر ونحوهما لوجود الظلام وحلول الليل كما قد يرشد إليه الجواب من الإحالة إلى الجدي.
وعلى الجملة : فالظاهر أنّ دلالة الرواية تامة ولا مجال للخدش فيها بشيء مما ذكر.
وأما الجهة الثانية : فالظاهر أنّ السند ضعيف بالرغم من التعبير عنها بالموثقة في كثير من الكلمات وكون رجال السند بأجمعهم ثقات ، وذلك لضعف طريق الشيخ إلى علي بن الحسن الطاطري بعلي بن محمد بن الزبير القرشي (١) فإنه لم يوثق ، وكأن التعبير المزبور مبني على الغفلة عن إمعان النظر في الطريق. وكيف ما كان فينبغي النقاش في الرواية من حيث السند لا الدلالة.
__________________
(١) التهذيب ١٠ ( المشيخة ) : ٧٦.