فتحصل : أنه لم ينهض أي دليل شرعي على أمارية الجدي ولو في الجملة ، لضعف اسناد الروايات بأجمعها ، ولكنه مع ذلك لا ينبغي التأمل في أماريتها إجمالاً كما أسلفناك من ملاحظة الواقف في المسجد الحرام متجهاً نحو الكعبة من الجوانب الأربعة ، حيث يكون الجدي بالنسبة إليه وإلى البلدان الواقعة خلفه على قفاه تارة وقبال وجهه اخرى ، وعن يمينه أو شماله حسبما تقدم (١) ، كما أن البلدان الواقعة فيما بين هذه الجهات تنحرف قبلتها نحو الجهة الأُخرى بدرجات حسب اختلاف طول البلد وعرضه. فلا بد إذن من الرجوع إلى القواعد المقررة لمعرفة ذلك.
ولا بأس بالإشارة إليه إجمالاً ، وقبل التعرض لها ينبغي التعرّف على بعض المصطلحات مما ذكره أهل الفن.
فمنها : خطّ الاستواء ، وهو الخط الموهوم المرسوم بين نقطتي المشرق والمغرب الاعتداليين ، والموجب لتقسيم الكرة الأرضية إلى نصف شمالي ونصف جنوبي.
ومنها : خط نصف النهار ، وهو المرسوم بين نقطتي الشمال والجنوب القاسم للأُفق إلى نصف شرقي ونصف غربي والقاطع لخط الاستواء المزبور ويسمى بخط الطول أيضاً.
ومنها : عرض البلد ، ويعنون به مقدار بعده عن خط الاستواء الذي هو أكبر دائرة وهمية حول الأرض قاسمة لها إلى ما عرفت من نصفي الشمال والجنوب على بعدين متساويين من القطبين ، لا يزيد أحدهما على الآخر ، فالدوائر الوهمية المنتشرة على سطح الأرض الموازية لهذه الدائرة التي عددها تسعون درجة شمالاً وتسعون درجة جنوباً ولا تزال تصغر إلى أن تتلاشى عند القطبين هي المسماة بخطوط العرض.
__________________
(١) في ص ٤٤١.