الموافقة القطعية إلا في أحدهما ، بعد فرض تساوي الوجوبين في الملاك وعدم احتمال أهمية أحدهما بالنسبة إلى الآخر ، فان المكلف مضطر حينئذ إلى ترك واحد منهما لا محالة فيتخير في اختيار أيّ منهما شاء.
هذا ، ولكن التأمل يقضي بخلاف ذلك والذهاب إلى التفصيل بتقديم جانب الظهر في تقدير ، والحكم بالتخيير في تقدير آخر ، فان الكبرى المزبورة وإن كانت مسلّمة لكنها غير منطبقة على المقام بنحو الإطلاق ، وذلك لأن صلاة العصر تمتاز عن الظهر باعتبار الترتيب فيها دونها ، ولا شك أن هذا حكم واقعي محفوظ في صورتي العلم بالقبلة والجهل بها ، فتجب رعايته في الوقت المشترك مهما أمكن ، بحيث لو بقي من الوقت مقدار صلاتين فضلاً عن الأكثر لا يجوز الإخلال به عمداً ، بل يجب الإتيان بالعصر على نحو لو صحّت فهي واجدة للترتيب.
وعليه فاذا كان الباقي من الوقت مقدار خمس صلوات أو ست فهو وإن كان متمكناً من تحصيل الموافقة القطعية بالإضافة إلى الظهر بالصلاة إلى الجهات الأربع ، لكنه لا يتمكن منها بالنسبة إلى العصر ، إذ لو صلى الظهر إلى الجهة أو الجهتين وخص الأربع الأخيرة بالعصر لم يحرز سقوط الأمر به ، لاحتمال كون القبلة في غير الجهة التي صلى إليها الظهر فتبطل ، ويوجب فساد العصر أيضاً لفقد الترتيب ، فلا جزم بحصول الترتيب المعتبر في صحة العصر فلا قطع بالامتثال.
وبالجملة : إنما يجوز الإتيان بمحتملات العصر فيما إذا علم عند الشروع فيها أنه لم يخل بالترتيب عمداً وأنه لو أتى بالعصر إلى القبلة فهو مترتب على الظهر ، وهذا لا يتحقق فيما لو صرف الجهة أو الجهتين في الظهر وصرف الباقي في العصر ، لاحتمال أن لا تكون تلك الجهة إلى القبلة فيكون مكلفاً واقعاً بإتيان الظهر ، لأن الوقت المشترك باق بعدُ والوقت يسع لهما مترتبتين ، فالأمر الواقعي برعاية الترتيب منجّز في حقه كما عرفت ، فلو صرف الوقت