في العصر يحتمل أن يكون مخلًّا بالترتيب عمداً فلا تحصل بذلك الموافقة القطعية لصلاة العصر بالضرورة ، فلا مناص له حينئذ إما من صرف الأربعة الاولى في الظهر والباقي في العصر ، فتحصل بذلك الموافقة القطعية للظهر والاحتمالية للعصر ، أو يصرف بعضها في الظهر وبعضها في العصر بأن يصلي الظهر والعصر إلى جهة ثم يصليهما إلى جهة ثانية ، ثم يصلي العصر إلى جهة ثالثة لو كانت الصلوات خمساً أو هي مع الظهر لو كانت ستاً فتحصل الموافقة الاحتمالية في كل منهما. ولا ريب أنه كلّما دار الأمر بين تحصيل الموافقة القطعية لتكليف والاحتمالية لآخر ، وبين الموافقة الاحتمالية لكل منهما ، كان الأول أولى في نظر العقل. وعليه فيتعين الصرف في الظهر وإيراد النقص على العصر.
نعم لو كان الباقي من الوقت مقدار سبع صلوات يمكن حينئذ تحصيل الموافقة القطعية لإحدى الصلاتين على البدل ، أما بالنسبة إلى الظهر فظاهر ، وأما بالإضافة إلى العصر فبأن يصلي الظهر والعصر معاً في جهات ثلاث ، ثم يصلي العصر في الجهة الرابعة ، أو يصلي الظهر أوّلاً إلى ثلاث جهات ، ثم يصلي العصر في الجهات الأربع مخيراً في الابتداء بأي منهما شاء ما عدا الجهة الأخيرة التي لم يصل إليها الظهر ، إذ لو بدأ بها لم يحرز رعاية الترتيب ، لاحتمال كون القبلة في نفس هذه النقطة ، والمفروض عدم وقوع الظهر إليها فيكون مخلًّا بالترتيب مع بقاء الوقت المشترك وتنجز الحكم الواقعي المحفوظ في صورتي العلم والجهل كما مرّ ، فلا يكون مثله محققاً للاحتياط ومحصلاً للموافقة القطعية ، فاللازم إبقاء هذه الجهة إلى الصلاة الأخيرة فيصرف رابعة العصر فيها ، فإنه يقطع حينئذ بعدم الإخلال بالترتيب ، لأن القبلة إن كانت في غيرها فقد صلى الظهر والعصر إليها مترتبتين ، وإن كانت فيها فبما أن هذا وقت الاختصاص فالترتيب ساقط جزماً ، فلا يكون مخلًّا بالترتيب على أي حال.