حينئذ. كما لا يجوز صرف الثاني في الظهر ، لكونه وقتاً مختصاً بالعصر كما مرّ.
ودعوى لزوم صرفهما في العصر ، لأن المراد بوقت الاختصاص فعل الفريضة بمحتملاتها من الأربع فما دون كما عن الشهيد قدسسره قد عرفت فسادها.
وبالجملة : لا مجال لصرفهما في العصر لاستلزامه الإخلال بالترتيب ، كما لا مجال لصرفهما في الظهر لمنافاته لوقت الاختصاص ، فيتعين التوزيع بصرف الأول في الظهر والثاني في العصر ، فتحصل بذلك الموافقة الاحتمالية لكل منهما. ولا فرق في ذلك بين الإتيان بهما في جهة واحدة أو جهتين ، لسقوط الترتيب (١) عند الشروع في الثاني الذي هو وقت مختص بالعصر ، فلا يحتمل الإخلال به وإن تعددت الجهة كما لا يخفى.
وأما إذا كان الباقي مقدار ثلاث صلوات فلا إشكال في لزوم صرف الأول في الظهر والأخير في العصر كما علم مما مرّ آنفاً ، إنما الكلام في المتخلل بينهما فهل يصرف في الظهر ويورد النقص على العصر كما اختاره في المتن ، أم يعكس ، أم يتخير؟
الأقوى هو الأخير ، إذ لا يتيسّر للمكلف أكثر من الموافقة الاحتمالية في كل منهما على الفرض وبما أنّ الوجوبين عرضيان وفي حدّ سواء من دون ترجيح في البين ، ولا احتمال لأهمية إحدى الصلاتين ، فاللازم هو التخيير
__________________
(١) لم يظهر وجه لسقوط الترتيب في وقت الاختصاص مطلقاً ، وإنما يسقط إذا لم يأت بالظهر رأساً دون ما إذا أتى ببعض محتملاتها كما في المقام. وعليه فبما أن الظهر المأتي بها يحتمل صحتها ووقوعها إلى القبلة ويمكنه رعاية الترتيب في هذا التقدير بأن يصلي العصر إلى نفس جهة الظهر لم يكن معذوراً في تعمد الإخلال به بالإتيان بها إلى جهة أُخرى.
وبعبارة اخرى : إن صلى العصر إلى نفس جهة الظهر احتمل تحقق الترتيب ، وإن صلى إلى غيرها قطع بعدمه ، ولا ريب في أن الأول أولى. ومنه تعرف أن اختيار الجهة الواحدة لكلتا الصلاتين إن لم يكن أقوى فلا ريب أنه أحوط.