العصر ، فإن الإتيان بالظهر في هذه الجهة مفوّت لإتيان العصر إليها ، إذ المفروض عدم سعة الوقت لأكثر من سبع صلوات ، فالإتيان بالمقدمة ربما يؤدي إلى انهدام ذي المقدمة وتفويته رأساً فضلاً عن أن توصل إليه.
وكيف ما كان ، فقد عرفت أنّ الأقوى في هذه الصورة التخيير ، وفي الصورة السابقة ترجيح الظهر على العصر.
ومحصل الكلام : أن صور المسألة أربع :
الأُولى : ما إذا تمكن من تحصيل الموافقة القطعية لكلتا الصلاتين ، كما لو بقي من الوقت مقدار ثمان صلوات أو أكثر ، وحكمها ظاهر كما مر.
الثانية : ما إذا تمكن من تحصيل الموافقة القطعية لإحدى الصلاتين لا بعينها ، وهذا فيما إذا بقي من الوقت مقدار سبع صلوات. والحكم هنا التخيير ، لتزاحم الواجبين العرضيين من دون ترجيح في البين ، كما هو الشأن في كل تكليفين كذلك كما عرفت.
الثالثة : ما إذا تمكن من تحصيل الموافقة القطعية لخصوص الظهر ، وأما العصر فاحتمالية ، كما لو بقي من الوقت مقدار ست صلوات أو خمس واللازم حينئذ تقديم الظهر وإيراد النقص على العصر ، لدوران الأمر بين الموافقة القطعية لأحد التكليفين والاحتمالية للآخر ، وبين الموافقة الاحتمالية لكل منهما ، ولا شك أنّ الأول أولى كما تقدم.
وأما عكس هذه الصورة فلا يكاد يتصور كما لا يخفى.
الصورة الرابعة : ما إذا لم يتمكن من تحصيل الموافقة القطعية في شيء منهما ، بل كانت في كل منهما احتمالية كما لو بقي من الوقت مقدار أربع صلوات فما دون.
أما إذا كان الباقي مقدار صلاتين فلا ينبغي الإشكال في تعين صرف الأول في الظهر ، والثاني في العصر ، لأن مقدار الوقت المشترك بعدُ باقٍ ، فالأمر الواقعي بالترتيب المحفوظ في صورتي العلم بالقبلة والجهل بها كما تقدم غير ساقط ، فلا يجوز صرف الأول في العصر ، للقطع بالإخلال بالترتيب