حصر موضع القنوت من الركعات لأمكن بيانه بتعبير أنسب وألخص ، كأن يقول : القنوت في الصلوات في الركعة الثانية ، وفي الوتر في الثالثة ، بل الظاهر أنه عليهالسلام بصدد بيان موضع استحبابه من الصلوات وأنه منحصر في الجهرية الذي عرفت أنه مبني على التقية مع بيان موضع القنوت (١) فيها ، فقوله عليهالسلام « في المغرب » خبر للمبتدإ ، لا أنه قيد فيه ليدل على نفيه عن ثانية الشفع فلاحظ. إذن فالعمومات أو الإطلاقات الدالة على استحبابه في كل ركعتين سليمة عما يصلح للتقييد.
ثم إن صاحب الحدائق استدل على عدم مشروعية القنوت في الشفع بما ورد في غير واحد من الأخبار من الأدعية المأثورة في قنوت الوتر ، بتقريب أنّ منصرف هذا اللفظ في لسان الروايات إنما هو الركعات الثلاث ، إذ لم يطلق فيها على الركعة الواحدة المفصولة إلا في رواية ضعيفة وهي رواية رجاء بن أبي الضحاك غير الناهضة للمعارضة مع تلك الأخبار المتكاثرة ، فلو كان فيهما قنوتان أحدهما للشفع وثانيهما للركعة الثالثة للزم تقييد تلك الأدعية بالقنوت الثاني ، ولم يحسن معه هذا الإطلاق ، وهذا خير شاهد على أن الركعات الثلاث لا تتضمن إلا قنوتاً واحداً (٢).
ولكنك خبير بأن هذه الدعوى من متضلع مثله في الحديث والأخبار من غرائب الكلام ، ضرورة أن إطلاق الوتر على خصوص الركعة المفصولة في لسان الروايات كثير ولا ينحصر في تلك الرواية الضعيفة ، وإليك بعضها :
فمنها : ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليهالسلام وفيها : « ...
__________________
(١) غير خفي أن الموضع المبين قيد للمحصور فيه ، فيدخل طبعاً في حيز الحصر وينتج انحصار القنوت في ثالثة الوتر ، على أنه عليهالسلام لو كان بصدد بيان الانحصار في الجهرية لاكتفى بقوله : « القنوت في الصلوات الجهرية والوتر » ، الذي هو أنسب وألخص.
(٢) الحدائق ٦ : ٤٢.