الفريضة وخصّها بالنافلة كي لا يكون هناك تطوّع في وقت الفريضة مراعاة لمن رغب في الإتيان بها مع صلاحية الوقت في حدّ ذاته لإيقاع الفريضة بحيث لو لم يرد التنفل أو لم يكن مشروعاً في حقّه كالمسافر وكما في يوم الجمعة فصلى أوّل الزوال فقد أتى بها في وقتها ، فالتحديد بالقدم أو القدمين أو الذراع والذراعين أو القامة ونحوها كل ذلك لا موضوعية لها بالإضافة إلى وقت الفريضة في حدّ نفسها بحيث لو لم يرد التنفل أو فرغ منه قبل بلوغ الفيء إلى القدم مثلاً لزمه الانتظار لأن يبلغه. كيف وقد ورد الحثّ على المسارعة إلى الصلوات والتعجيل إلى الخير والاستباق إليه في الكتاب والسنة ، وإنما هي تحديدات تقريبية رعاية للنوافل اليومية التي هي في شدّة الاهتمام والمحافظة عليها بمثابة لا تقل عن الفرائض ، ولذلك لوحظ أوقاتها في بيان أوقات الفرائض في هذه الأخبار.
والذي يكشف عمّا ذكرناه : روايات كثيرة قد نطقت بأنّ التحديد المزبور إنما هو لمكان النافلة ، وأن العبرة بالفراغ منها قصرت أم طالت ولا خصوصية للقدم ولا لغيره ، التي منها رواية عمر بن حنظلة قال : « كنت أقيس الشمس عند أبي عبد الله عليهالسلام فقال : يا عمر ألا أُنبئك بأبين من هذا؟ قال قلت : بلى جعلت فداك ، قال : إذا زالت الشمس فقد وقع وقت الظهر إلا أنّ بين يديها سبحة ، وذلك إليك ، فإن أنت خففت فحين تفرغ من سبحتك ، وإن طوّلت فحين تفرغ من سبحتك » (١).
وأصرح رواية منها تدل على ذلك هي : موثقة محمد بن أحمد بن يحيى الأشعري قال : « كتب بعض أصحابنا إلى أبي الحسن عليهالسلام روي عن آبائك القدم والقدمين والأربع والقامة والقامتين ، وظلّ مثلك والذراع والذراعين ، فكتب عليهالسلام : لا القدم ولا القدمين ، إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين ، وبين يديها سبحة وهي ثماني ركعات ، فإن شئت طوّلت
__________________
(١) الوسائل ٤ : ١٣٣ / أبواب المواقيت ب ٥ ح ٩.