والذراعين يرجع إلى التحديد بالقدمين والأربع ، ووجه الجمع بين هذه الأخبار وبين التحديد بالقدم هو الحمل على اختلاف مراتب الفضل ، فالأفضل المسارعة إلى التنفل عند الزوال كي يفرغ منه والفيء على القدم حتى يشرع في الفريضة في هذه الساعة ، وبعد الفراغ منها يشرع في نافلة العصر ثم يأتي بفريضة العصر والفيء على القدمين.
ودون ذلك في الفضل تأخير نافلة الظهر إلى أن يفرغ منها والفيء على القدمين ثم يشرع في الظهر ، وقدمان بعد ذلك لنافلة العصر كي يشرع في فريضته والفيء على أربعة أقدام من مبدأ الزوال. فكأنه عليهالسلام أراد التوسعة في بيان وقت الفضيلة مع اختلاف مراتب الفضل على النحو الذي عرفت.
ويشهد لذلك قوله عليهالسلام في صحيح زرارة : « فإذا بلغ فيؤك ذراعاً من الزوال بدأت بالفريضة وتركت النافلة ، وإذا بلغ فيؤك ذراعين بدأت بالفريضة وتركت النافلة » (١) حيث يظهر منها أن بلوغ الذراع أي القدمين هو آخر وقت فضيلة الظهر ، إذ لا يشرع التنفل بعد ذلك ، بل لا بد من البدأة بالفريضة وقضاء النافلة ، وكذا الذراعان بالإضافة إلى العصر كما هو ظاهر.
وأما التحديد بالقامة والقامتين وصيرورة ظل الإنسان مثله أو مثلية ، فالأخبار الواردة فيه بعضها أجنبية عن محل البحث ، لكون النظر فيها إلى التحديد من ناحية المنتهي التي سيجيء الكلام فيها إن شاء الله تعالى ، فانّ البحث فعلاً متمحض من ناحية المبدأ ، كرواية أحمد بن عمر عن أبي الحسن عليهالسلام قال : « سألته عن وقت الظهر والعصر ، فقال : وقت الظهر إذا زاغت الشمس إلى أن يذهب الظل قامة ، ووقت العصر قامة ونصف إلى قامتين » (٢) ونحوها غيرها.
والبعض الآخر ناظر إلى المبدأ وهي موثقة زرارة قال : « سألت أبا عبد الله
__________________
(١) ، (٢) السائل ٤ : ١٤١ / أبواب المواقيت ب ٨ ح ٣ ، ٩.