ولا بد من نقل تلك الروايات واحدة بعد اخرى ، وبيان ما فيها من النقض والإبرام توضيحاً للمرام.
فمنها : صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « سمعته يقول : لكل صلاةٍ وقتان ، وأوّل الوقت أفضله ، وليس لأحد أن يجعل آخر الوقتين وقتاً إلا في عذر من غير علة » (١). قال في الوافي قوله : « من غير علة » بدل من قوله « إلا في عذر » (٢).
تقريب الاستدلال : أنّ المستفاد من الصحيحة أن لكل صلاة وقتين ، وأنّ الأوّل من كل منهما أي المبدأ من كل وقت أفضل من منتهاه. وقد دلت صريحاً على المنع عن اتخاذ الوقت الثاني إلا في حال الاضطرار. فالمتحصل منها أنّ الوقت الأوّل للمختار والثاني للمضطر وإن كان الأول من كل من الوقتين أفضل من آخره.
والجواب : أنّ حمل قوله عليهالسلام : « وأوّل الوقت أفضله » على ما ذكر غير صحيح ، كيف والوقت الأول ليس مبدؤه وهو الزوال أفضل مما بعده ، بل الأفضل التأخير بمقدار القدم أو الذراع رعاية للنوافل ، للأخبار المتقدمة الدالة على أن بين يديها سبحة كما مرّ ، بل المراد أنّ الوقت الأوّل أفضل من الوقت الثاني.
وعلى هذا فالصحيحة على خلاف المطلوب أدلّ ، لدلالتها على اشتراك الوقتين في الفضيلة غير أنّ أوّلهما أفضل.
ويؤيده قوله عليهالسلام في الصحيحة الأُخرى لعبد الله بن سنان التي لا يبعد اتحادها مع هذه الصحيحة « وأوّل الوقتين أفضلهما » (٣) بدل وأوّل الوقت.
وعليه فيكون ذلك قرينة على أن المراد بقوله عليهالسلام : « ليس لأحد
__________________
(١) الوسائل ٤ : ١٢٢ / أبواب المواقيت ب ٣ ح ١٣.
(٢) الوافي ٧ : ٢٠٥.
(٣) الوسائل ٤ : ١١٩ / أبواب المواقيت ب ٣ ح ٤.