بل وكذا المأخوذ من يد المسلم إذا علم أنّه أخذه من يد الكافر (١) مع عدم مبالاته بكونه من ميتة أو مذكى.
______________________________________________________
(١) قد يقال بمشمولية هذه الصورة لإطلاقات نصوص السوق ، نظراً إلى كثرة الكفرة الذين يتعاملون مع المسلمين ، ولا سيما إذا ألحقنا بهم الخوارج والنواصب والغلاة ، لتداول ذبحهم للحيوانات وأكلهم لها وبيع جلودها ، فلا موجب لتقييد يد المسلم بعدم السبق بيد الكافر ، بل المتبع إطلاقات الأدلة.
ويظهر من المتن التفصيل بين المسلم المبالي بأحكام الدين والملتزم بها فتكون يده حينئذ أمارة على التذكية ، وبين غير المبالي فلا أمارية لها.
أقول : أمّا ما ذكره في غير المبالي فجيّد ، إذ المستفاد من النصوص الناهية عن السؤال عن المأخوذ من سوق المسلمين اختصاص الحكم بصورة الجهل بالحال واحتمال اتصاف الحيوان بالتذكية ، بحيث لو سألنا صاحب اليد لما ظهر لنا غالباً خلاف ما احتملناه ، ومن ثم نهينا عن تكلّف المسألة والتضييق على النفس بكثرة الأسئلة كما صنعه الخوارج ، فلا تشمل ما كان معلوم الحال لكونه محكوماً بعدم التذكية من أول الأمر وقبل انتقاله إلى المسلم من أجل كونه تحت يد الكافر.
وبالجملة : لا تنفع يد المسلم المسبوقة قبل ساعة مثلاً بيد الكافر المحكومة آن ذاك بعدم التذكية ، فإنّ ذلك بمنزلة ما لو أخذه من الكافر ابتداء ومباشرة من دون توسيط يد المسلم ، فلا ينبغي الشك في خروج هذه الصورة عن منصرف الإطلاقات. ومنه يعلم فساد ما أُفيد آنفاً من التمسك بها.
وأمّا ما ذكره في المبالي بالدين والثقة الملتزم بأحكامه فإن كان تعريضه للبيع بمثابة إخباره عن التذكية صحّ ، لحجيّة خبر الثقة في الموضوعات ، وأمّا لو لم يكن كذلك ولو لاحتمال أنّه نسي شراءه من الكافر أو لم يكن ملتفتاً إلى كفره ونحن نعلم به فلا وجه حينئذ للحكم بالتذكية ، لما عرفت من أنّ نصوص