الامتثال بالصلاة في المشكوك فيه هو الرجوع إلى قاعدة الاشتغال ، ولزوم إيقاع الصلاة فيما يقطع بعدم كونه من غير المأكول ، إذ الاشتغال اليقيني يستدعي البراءة اليقينية بالضرورة ، فيجب إحراز الامتثال وتفريغ الذمة بالإتيان بالمأمور به جامعاً للشرائط وفاقداً للموانع ، فكما يجب إحراز الشرط يجب عقلاً إحراز عدم المانع ولو ببركة الأصل ، إذ لا فرق في لزوم إحراز المأمور به بقيوده بين القيود الوجودية والعدمية كما مرّ التنبيه عليه في بعض المباحث السابقة (١) هذا.
وقد استدلّ في المقام على الجواز استناداً إلى الأصل الحكمي من وجهين :
أحدهما : التمسك بأصالة الحلّ في نفس الصلاة كما عن صاحب الحدائق قدسسره (٢) بدعوى أنّ للصلاة باعتبار الوقوع في المأكول وفي غيره فردين : حلال وحرام ، ويشكّ في هذه الصلاة الشخصية الواقعة في اللباس المشكوك فيه أنّها من الفرد المحلّل أو المحرم ، فيشمله عموم قوله عليهالسلام : « كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه » (٣) وغيرها من سائر الأخبار الدالّة على أصالتي الحلّ والإباحة.
وفيه : أنّه إن أُريد بالحرمة المحتملة الحرمة الذاتية فهي مقطوعة العدم ، إذ لا ريب أن مجرّد الصلاة فيما يقطع بكونه من غير المأكول فضلاً عمّا يشك ليس بنفسه من المحرمات الإلهية كما لو كان بقصد التعليم ونحوه.
وإن أُريد بها الحرمة التشريعية فلا ريب في عدم التشريع لو صلّى في المشكوك بقصد الرجاء لاحتمال الجواز ، أو لاحتمال عدم كونه من غير المأكول فيصلّي بانياً على تحقيق الحال بعد الفراغ والإعادة لو انكشف الخلاف ، فلا يحتمل الحرمة في مثل ذلك. نعم ، لا يجوز الاقتصار عليه في مقام الامتثال للزوم الخروج عن عهدة الاشتغال اليقيني بالبراءة اليقينية كما هو ظاهر.
__________________
(١) في ص ٢٠٩ ، الجهة الثالثة.
(٢) الحدائق ٧ : ٨٦.
(٣) الوسائل ١٧ : ٨٧ / أبواب ما يكتسب به ب ٤ ح ١.