الارتباطيين ، نعم يختص أحدهما بخصوصية يمتاز بها عن الآخر ، وهي حكم العقل بلزوم الإحراز في مقام الامتثال وعدم جواز الرجوع إلى البراءة بناءً على الشرطية دون المانعية ، إلا أنّ هذه الخصوصية أجنبية عن مقام التشريع وغير ملحوظة في مقام الجعل أبداً ، بل هي كما عرفت من الآثار المترتبة عليه بحكم العقل ومن شؤون هذا النوع من الاعتبار والجعل ، وحيثياته العقلية ، ولا مساس له بالشارع بوجه ، فهذه الكلفة عقلية محضة ، ومن الواضح عدم كون الأحكام العقلية مورداً للأُصول العملية لا الشرعية ولا العقلية كما لا يخفى.
وبالجملة : إن أُريد نفي أصل اعتبار الشرطية بالأصل فهو معارض بجريانه في اعتبار المانعية بعد فرض العلم الإجمالي بصدور أحدهما ، وإن أُريد نفي الأثر المترتب عليه من لزوم الإحراز لدى الشك فهو حكم عقلي لا يكاد يرتفع بالأصل.
وممّا ذكرنا تعرف أنّ مقتضى الأصل حينئذ هو الاشتغال ، إذ الرجوع إلى البراءة الشرعية أو العقلية موقوف على إحراز كون المورد من الشك في التكليف ، كما إذا ثبتت المانعية. وأمّا مع احتمال الشرطية كما هو المفروض فيحتمل أن يكون الشك عائداً إلى مقام الامتثال لا في أصل التكليف. ومن الواضح أنّ مجرّد احتمال أن يكون الشك من الشك في الامتثال بعينه شك في تحقق الامتثال الذي هو موضوع لقاعدة الاشتغال.
وبالجملة : ما لم تحرز المانعية لا مجال للرجوع إلى البراءة ، إذ مجرد احتمال أن يكون المجعول على سبيل الشرطية الملازم في المقام لعدم إحراز حصول المأمور به في الخارج ولو ببركة الأصل كافٍ في استقلال العقل بالرجوع إلى الاشتغال.
الجهة السابعة : بعد ما عرفت من استفادة المانعية من هذه الأخبار المتضمنة لفساد الصلاة الواقعة في أجزاء ما حرم الله أكله ، يقع الكلام حينئذ في تحديد مدلول هذه الروايات ، وما يتطرق فيها من الاحتمالات مع بيان ما هو الصحيح