يكون هو اعتبار المانعية لخصوص الميتة أو لخصوص غير المأكول ، وحيث لا علم إجمالي غالباً بإحدى الخصوصيتين كي يستلزم التكرار فالمرجع أصالة البراءة عن كلّ منهما ، فيتخيّر في الصلاة في أيّ منهما شاء.
وبالجملة : فالمقام كغيره من سائر المركّبات التي يتعذّر الجمع بين جميع خصوصياتها ، خارج عن باب المزاحمة رأساً كما مرّ توضيحه في المسألة السابقة. فلا وجه لملاحظة الأهمّية ، بل هي من صغريات باب التعارض فلا بدّ من إعمال قواعد هذا الباب ، ومقتضاها التخيير في المقام كما عرفت.
ومنه يظهر أنّه لا وجه لتأخير الميتة عن غير المأكول فضلاً عن الذهب والحرير كما صنعه في المتن بل هي وغير المأكول في عرض واحد.
ومن الغريب أنّه قدسسره مع اعترافه بجواز الانتفاع بالميتة ، وعدم حرمتها إلا وضعاً لا تكليفاً كغير المأكول كيف أخّرها عنه مع تساويهما من جميع الجهات ، وحديث الأهمّية قد عرفت أنّه لا موضوع لها في أمثال المقام.
وأمّا الصورة الثانية : أعني الدوران بين غير المأكول أو الميتة وبين المغصوب ، فلا ريب في اندراجها في باب التزاحم ، لعدم التنافي في مقام الجعل بين النهي عن الغصب وبين اعتبار المانعية لأحدهما في الصلاة ، غايته أنّ المكلّف غير قادر على الجمع بينهما في مقام الامتثال ، لفرض الاضطرار إلى أحد اللبسين ، فلا بدّ من رعاية مرجّحات هذا الباب.
وحيث أنّ القدرة المعتبرة في الغصب عقلية ، وفي المانعية المعتبرة لأحدهما في الصلاة شرعية كما أُشير إليه سابقاً (١) ، بل إن كافة القيود المعتبرة في الصلاة من الوجودية والعدمية الراجعة إلى الأجزاء والشرائط والموانع كلّها مما اعتبرت فيها القدرة شرعاً ، كما يقتضيه دليل جعل البدل لها بأسرها بمراتبه النازلة ، الكاشف عن تقيّد المبدل عنه شرعاً بفرض التمكّن ، وقد تقرّر في
__________________
(١) في ص ٣٧٩.