الرواية. فالرواية أجنبية عن محلّ البحث ، والعمدة في الاستدلال هما الوجهان الأوّلان.
الجهة الرابعة : قد عرفت الاستثناء في حالتي الحرب والضرورة ، فهل هذا استثناء عن خصوص الحرمة النفسية فتبطل الصلاة في الحرير حالتهما أو عنها وعن الوضعية فتصح؟
أمّا في حال الضرورة فربما يستدلّ للجواز بما يستفاد من الأخبار من أنّ الصلاة لا تسقط بحال.
وهذا ينبغي أن يعدّ من الغرائب ، إذ ليس الكلام في العذر المستوعب لتمام الوقت ، وإلا فمع الاستيعاب لا ريب في الصحة قطعاً ، وأنّ المانعية ساقطة حينئذ بالضرورة كما هو الحال في سائر الموانع ، بل الأجزاء والشرائط المتعذّرة في مجموع الوقت ، الذي لا يشك في وجوب الاقتصار على الباقي وعدم سقوط الصلاة رأساً.
وإنّما الذي وقع فيه الكلام في المقام بين الأعلام نفياً وإثباتاً هو العذر غير المستوعب وغير المؤدّي لسقوط الصلاة ، للتمكّن من الإتيان بها في غير الحرير في الجزء الآخر من الوقت. فالاستدلال المزبور في غير محلّه جزماً.
وكيف كان ، فقد ذهب جمع منهم المحقق الهمداني قدسسره إلى الجواز مستدلاً عليه بقصور المقتضي ، لانصراف دليل المانعية إلى ما كان اللبس حراماً في نفسه. فحال الترخيص وجواز اللبس غير مشمول لدليل المنع (١).
والجواب : أنّ كلا من المانعية والحرمة قد ثبتت بدليل يختصّ بها ، ولم يثبتا بدليل واحد كي يدّعى الانصراف المزبور ، ولا ريب في عدم الملازمة بين المانعية والحرمة كما في لبس ما لا يؤكل والنجس والميتة ، حيث إنّها تمنع عن صحة الصلاة مع جواز لبسها تكليفاً بلا إشكال ، إلا في الميتة على القول بحرمة الانتفاع بها مطلقاً ، الذي هو خلاف التحقيق.
__________________
(١) مصباح الفقيه ( الصلاة ) : ١٣٧ السطر ٣١ ، ٢٢.