ثانيها : أنّ مقتضى العمومات أو الإطلاقات جواز الصلاة في كلّ ساتر خرجنا عنها فيما لا يؤكل بالدليل المخصص ، لكون حجيته أقوى من حجية العام ، وحيث إنّ هذه الحجية خاصة بالأفراد المعلومة ، لتقوّم تنجّزها بالوصول صغرى وكبرى ، فيرجع في المشكوكة أعني الشبهات المصداقية للمخصص إلى العمومات ، إذ لم تقترن فيها بحجة أقوى لترفع اليد عنها.
ويندفع : بما سبق في مطاوي المقدمات من أنّ المخصص المنفصل وإن لم يصادم ظهور العام لكنه يصادم حجيته ، ويكشف عن تضيق دائرة الإرادة الجدية وعدم شمولها لمورد التخصيص. وعليه فالفرد المشكوك حيث لم يعلم اندراجه في المراد الجدي من العام لم يكن مجال للتمسك به.
وبعبارة اخرى : الدليل المخصص وإن لم يكن حجة إلا بعد الوصول كبرى وصغرى كما أُفيد إلا أنّ من الواضح تقييد العام بعد ورود التخصيص عليه بغير مورد الخاص ، لامتناع الجمع بين التوسعة والتضيق والإطلاق والتقييد فهو خارج عن تحت الإرادة الجدية منه. وعليه فالفرد المشكوك وإن لم يعلم دخوله في المخصص لكنّه لم يعلم دخوله في العام أيضاً بما هو حجة ، وإن كان داخلاً فيه بحسب المراد الاستعمالي ، فكما يشك في شمول المخصص له يشك في شمول العام أيضاً ، فلا يصح التمسك به.
على أنّه ليس لدينا عموم أو إطلاق يدلّ على جواز الصلاة في كلّ ساتر ليرجع إليه في الفرد المشكوك كما لا يخفى.
ثالثها : ما يظهر من كلمات المحقق القمي (١) وتمسك به بعضهم من أنّ المانعية في المقام منتزعة من النهي الوارد في موثقة سماعة « ... ولا تلبسوا منها شيئاً تصلّون فيه » (٢) ومن المعلوم أنّ فعلية النواهي كالأوامر متقوّمة بالوصول كبرى وصغرى ، لتصلح للزجر والبعث ، وحيث لا وصول في المشكوك فلا فعلية. فلا
__________________
(١) لم نعثر عليه.
(٢) الوسائل ٤ : ٣٥٣ / أبواب لباس المصلي ب ٥ ح ٣.