منه على صفة المبغوضية بوجه لتمنع عن انطباق الواجب عليه ، وهذا ظاهر.
وأمّا الناسي فقد تقدّم في كتاب الطهارة عند التكلم حول اعتبار الإباحة في ماء الوضوء (١) والغسل (٢) أنّ المتجه هو التفصيل بين الغاصب وغيره ، فيبطل في الأوّل نظراً إلى أنّه في حال النسيان وإن لم يكن مكلفاً بشيء ، لامتناع توجيه الخطاب إليه ، إلا أنّه لما كان منتهياً إلى سوء اختياره وكان التكليف متنجزاً في حقه قبل نسيانه كان ذلك مصححاً لاستحقاق العقوبة ، لأنّ الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقاباً وإن نافاه خطاباً ، فحيث إنّه كان مسبّباً عن تقصيره وسوء تصرّفه فلا جرم لم يكن معذوراً في عمله ، بل كان صادراً منه على صفة المبغوضية ، ومثله لا يكون مقرباً ، فلا يقع مصداقاً للواجب.
وهذا بخلاف غير الغاصب ، فانّ مقتضى حديث الرفع الذي هو رفع واقعي في غير « ما لا يعلمون » تخصيص حرمة الغصب بغير الناسي فلا حرمة فيه ، كما لا مبغوضية حتى واقعاً لتكون مانعاً عن صلاحية التقرب وصيرورته مصداقاً للواجب ، فلا مانع من صحته.
ومنه تعرف أنّه لا مجال للتمسّك بالحديث في القسم الأوّل أعني الناسي الغاصب إذ هو بمناط المنّة على نوع الأُمة ، ولا امتنان على النوع في الرفع عن الغاصب كما هو ظاهر.
وبالجملة : فالتفصيل المزبور متّجه في ذاك المورد ونحوه مما يكون يتحد فيه الغصب مع العبادة وينطبق أحدهما على الآخر ، ولا يكاد ينسحب إلى المقام بعد ما عرفت من عدم الاتحاد ، وتغاير متعلّق النهي مع ما تعلّق به الأمر.
نعم ، ينسحب على مبنى من يرى اعتبار الإباحة في اللباس استناداً إلى اتحاد الحركات الصلاتية مع الحركات الغصبية كما هو أحد الوجوه في المسألة (٣)
__________________
(١) شرح العروة ٥ : ٣٢١.
(٢) شرح العروة ٦ : ٤١٢ ، وأيضاً ذكره في ٩ : ٥٧.
(٣) [ وهو الوجه الخامس ].