حرّم الله أكله ، لا ذوات الحيوانات من الأسد والأرنب ونحوهما وكون العنوان المزبور مشيراً إليها ، وإلا فالأصل المزبور لا يترتب عليه عدم كون الحيوان من تلك الذوات إلا على القول بالأُصول المثبتة.
نعم ، يمكن القول بأنّ هذا الأصل وإن لم ينفع إلا أنّ التشريع لما كان على سبيل التدريج ، من غير فرق بين الأحكام الاستقلالية النفسية وبين التبعية الضمنية كالشرطية والمانعية ، إذن فكان زمان في أول الشريعة ولم تجعل المانعية لذات هذا الحيوان المشكوك ، والآن كما كان ، فيستصحب عدم تقيد الصلاة بعدم وقوعها في اللباس المتخذ منه فينتج صحتها.
ثم إنّه بناءً على تمامية هذا الاستصحاب كما هو الصواب فلا يفرق الحال فيه بين القول بمانعية الصلاة فيما لا يؤكل أو شرطية الوقوع في المأكول ، إذ كما يثبت بالاستصحاب عدم التحريم يثبت به الحلّ أيضاً فيحرز الشرط ببركة الأصل. فالتفصيل بينهما كما تقدم سابقاً لا وجه له.
ثم لا يخفى أنّ هذا الاستصحاب إنّما يجري فيما إذا كان الحيوان المتخذ منه اللباس مردداً بين المأكول وغيره.
وأمّا إذا تردد بين غير المأكول وبين غير الحيوان كالقطن فلا مجال حينئذ للأصل المزبور ، فانّ عدم الحرمة في غير الحيوان سالبة بانتفاء الموضوع ، بل المرجع أصل آخر حاكم عليه وهو أصالة عدم اتخاذه من الحيوان ، لا عدم حرمته كما لا يخفى.
الوجه الخامس من الأُصول الموضوعية : التمسك باستصحاب عدم اتصاف المشكوك فيه بكونه جزءاً مما لا يؤكل ، الثابت قبل وجوده ، بتقريب : أنّ الموضوع للحكم أعني المانعية مؤلف من جزأين : كون الشيء لباساً أو محمولاً ونحوهما من أجزاء الحيوان ، واتصافه بكونه جزءاً مما لا يؤكل ، وقد كنّا سابقاً قبل خلق الحيوان على يقين بعدم وجود شيء من الجزأين ، وبعد