استصحاب عدم الجعل لإثبات العدم في مرحلة المجعول من الأصل المثبت الذي لا نقول به (١).
ويندفع : بأنّ تغاير مقام الجعل عن المجعول واختلاف سنخ الحكم بلحاظ المرحلتين وإن تكرر في كلمات شيخنا الأُستاذ قدسسره في موارد عديدة من أبحاثه الشريفة ، وفرّع عليه عدم إثبات أحدهما بالاستصحاب الجاري في الآخر مصرّاً عليه ، إلا أنّه لا يمكن المساعدة عليه بوجه ، فانّ الحكم الشرعي إنّما يجعل بجعل واحد مرة واحدة ، غاية الأمر أنّه مجعول للموضوع المقدر وجوده على سبيل القضية الحقيقية ، فاذا لم يوجد موضوعه خارجاً بقي مقصوراً على مقام الإنشاء ، ويعبّر عنه حينئذ بمرحلة الجعل ، وإذا وجد عبّر بمرحلة المجعول ، وأصبح الحكم فعلياً بنفس الجعل الأول لا بجعل آخر. فالفعلية تابعة للجعل ، والقضية قبل تحقق الموضوع فرضية تقديرية ، وبعده فعلية تحقيقية ، لا أنّ هناك سنخين من الحكم يمتاز أحدهما عن الآخر في هويّته وحقيقته ليكون إثبات أحدهما بالأصل الجاري في الآخر من الأصل المثبت.
ومن ثم يجري استصحاب عدم النسخ لدى الشك في زوال الجعل به ويحكم ببقائه وفعليته لدى تحقق موضوعه ، من غير أن تتطرق شبهة المثبتية مع أنّها لو تمت لعمّت ، لعدم الفرق في مناطها بين استصحاب الوجود أو العدم كما لا يخفى. فكما أنّ استصحاب الجعل يثبت الحكم الفعلي فكذا استصحاب عدمه ينفيه بمناط واحد.
وعليه فاذا شك في أنّ الحيوان الذي اتخذ منه هذا اللباس هل جعلت له الحرمة أم لا استصحب العدم ، وترتب عليه جواز الصلاة فيه فعلاً.
والمتحصّل من جميع ما تقدّم : أنّ التمسك بهذا الاستصحاب صحيح ولا إشكال فيه ، والنقود الواردة عليه كلّها مدفوعة بما عرفت.
أجل ، يبتني ذلك على ما هو الأصح كما سبق من أنّ المانع هو عنوان ما
__________________
(١) ذكره في موارد منها ما في أجود التقريرات ٢ : ٢٩٦ ، ٤٠٩.