أمّا المبحث الأول : فيستدل على جواز الصلاة في اللباس أو المحمول المشكوك بوجوه :
الأول : التمسك بأصالة الحلّ بتقريب : أنّ الحيوان الذي أُخذ منه هذا الجزء كالصوف يشك في حلّية لحمه وحرمته فيشمله عموم قوله عليهالسلام : « كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال » (١) فبمقتضى أصالة الإباحة تحرز حلّية اللحم في ظاهر الشرع التي هي الموضوع لجواز الصلاة فيما أُخذ منه فيترتب عليه الأثر.
وقد نوقش فيه من وجوه :
أحدها : أنّ الحكم بالحلّية الفعلية المستندة إلى أصالة الإباحة يستدعي وجود الموضوع ودخوله في محلّ الابتلاء كي يصح التعبد الشرعي بحلّيته فعلاً ولا يكون لغواً ، مع أنّ الحيوان المتخذ منه الجزء المشكوك ربما يكون تالفاً قبل سنين ، أو خارجاً عن محلّ الابتلاء فلم يكن هناك أثر شرعي فعلي يصحّ التعبّد بلحاظه كي يجري الأصل.
ويندفع : بأنّ الدخول في محلّ الابتلاء وكونه ذا أثر فعلي لو كان معتبراً في مجرى الأصل نفسه لتمّ ما أُفيد ، إلا أنّه لا دليل على هذا التضييق ، بل المعتبر بمقتضى كون الأصل ناظراً إلى التطبيق في مقام العمل وجود أثر شرعي عملي داخل في محل الابتلاء ، وهذا المقدار من الأثر كاف في صحة التعبد الشرعي بلحاظه ، سواء كان بنفسه مجرى للأصل أو مترتباً على ما يجري فيه الأصل كما في المقام.
ونظيره ما لو لاقى شيء مستصحب النجاسة ، وقبل العلم بالملاقاة انعدم الملاقي بالفتح أو خرج عن محل الابتلاء ، فإنّه لا ريب في الحكم بنجاسة الملاقي بالكسر استناداً إلى استصحاب نجاسة الملاقي بالفتح مع أنّه معدوم أو خارج عن محل الابتلاء على الفرض ، فمع أنّ المجرى بنفسه لم يكن
__________________
(١) الوسائل ١٧ : ٨٧ / أبواب ما يكتسب به ب ٤ ح ١.