بحجة غير العلم.
وثانياً : مع التسليم فغايته الالتزام بتخصيص آخر في عمومات عدم جواز الصلاة فيما لا يؤكل ، فكما أنّ الخز الخالص خارج عنها فكذا ما يحتمل فيه الخلط والغش ، نظراً إلى أنّ الاقتصار على الأوّل يستوجب الحمل على الفرد النادر كما أُفيد. وحينئذ فما هو الموجب للتعدّي إلى كلّ مشكوك مما لا يؤكل فإنّا إنّما تعدينا إلى التخصيص الثاني لعلة مختصة به مفقودة في غيره ، وهي التي سمعتها من محذور اللغوية الناشئة من الندرة ، فلا يقاس غيره به. ولا أساس لدعوى عدم القول بالفصل في مثله كما لا يخفى.
وثالثاً : أنّا لو سلّمنا شمول نصوص الخزّ للخالص والمحتمل الخلط ، إلا أنّها مقيّدة بما دل على عدم جواز الصلاة في المغشوش. إذن فالتمسك بها في الفرد المشكوك يكون من قبيل التمسك بالعام في الشبهة المصداقية (١) الذي هو في حيّز المنع.
فتحصّل : أنّ هذه الوجوه كلها ساقطة ، ولا سبيل للتمسك بالأدلّة الاجتهادية لتجويز الصلاة فيما يشك في كونه مما لا يؤكل لحمه.
وأمّا المقام الثاني : أعني البحث حول الأُصول العملية بعد اليأس عن الأدلّة الاجتهادية فالكلام فيه يقع تارة فيما تقتضيه الأُصول الموضوعية أي التي يتنقح بها حال الموضوع الحاكمة على الأُصول الحكمية من البراءة أو الاشتغال ، وأُخرى فيما تقتضيه الأُصول الحكمية ، فهنا مبحثان.
__________________
(١) هكذا أفاده ( دام ظله ) في بحثه الشريف وفي رسالته التي كتبها في اللباس المشكوك [ في ص ٣٥ ] وتعرّض له المحقّق النائيني قدسسره أيضاً [ في رسالة الصلاة في المشكوك : ١٧٦ ] غير أنّ في النفس منه شيئاً ، إذ بعد تسليم ما يدعيه المستدل من امتناع تخصيص الإطلاق بمجرد الخلوص ، ولزوم شموله بنفسه للمشكوك حذراً من لغوية التشريع لو أُريد منه الفرد النادر ، فلازمه تخصيص ما دلّ على المنع عن الصلاة في المغشوش بمحرز الغشية ، ضرورة امتناع المحافظة على الإطلاقين ، للزوم التدافع. إذن فالفرد المشكوك مصداق واقعي للعام ، ومثله لا يكون من التمسك به في الشبهة المصداقية.