للاستدلال ، فلا بدّ في إثبات الحكم في كلّ مورد من التماس الدليل بالخصوص فنقول :
أما في فرض الجهل بالحكم فلا دليل على الصحة وإن كان الانحراف إلى ما بين اليمين واليسار ، بل مقتضى صحيحة زرارة الموافقة للكتاب هو البطلان عند عدم استقبال المسجد الحرام ، وقد عرفت أنّ صحيحته الاولى قد سقطت بالمعارضة ، بل الكتاب أيضاً بنفسه يقتضي البطلان كما لا يخفى. وحديث لا تعاد (١) وإن كان شاملاً للجهل لكن القبلة مما استثني فيه.
وأما صحيحة معاوية بن عمار : « أنه سأل الصادق عليهالسلام عن الرجل يقوم في الصلاة ثم ينظر بعد ما فرغ فيرى أنّه قد انحرف عن القبلة يميناً أو شمالاً ، فقال له : قد مضت صلاته ، وما بين المشرق والمغرب قبلة » (٢) وموثقة الحسين بن علوان عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليهالسلام : « أنّه كان يقول : من صلّى على غير القبلة وهو يرى أنّه على القبلة ثم عرف بعد ذلك فلا إعادة عليه إذا كان ما بين المشرق والمغرب » (٣) فلا يصح التمسك بهما في المقام أعني صورة الجهل بالحكم لظهورهما ولا سيما الموثقة في أنّ المصلّي كان عالماً بأصل اعتبار الاستقبال في الصلاة ، غايته أنّه أخطأ فتخيل أنّها في جهة خاصة ثم تبيّن الانحراف عنها بعد الصلاة ، فلا تشملان صورة الجهل بالحكم كما لعله ظاهر.
وعليه فالأقوى هو البطلان ووجوب الإعادة ، عملاً بإطلاقات أدلّة الاستقبال السليمة عن المقيد ، من غير فرق بين الجاهل القاصر والمقصر ، نعم هو معذور مع القصور ، لكن المعذورية لا تنافي الفساد كما هو واضح.
ويلحق به ناسي الحكم ، فإنّه هو الجاهل بعينه ، ولا فرق بينهما إلا من حيث
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٣١٢ / أبواب القبلة ب ٩ ح ١.
(٢) الوسائل ٤ : ٣١٤ / أبواب القبلة ب ١٠ ح ١.
(٣) الوسائل ٤ : ٣١٥ / أبواب القبلة ب ١٠ ح ٥.